غلاء المهور هو أزمة حقيقية ظهرت بشكل كبير في مجتمعنا العربي و خاصة في المملكة و دول الخليج ، و أصبحت هذه الظاهرة ضمن الأسباب الأساسية عن نفور الشباب من الزواج ، حيث أن الولد في بداية شبابه عندما يقرر الزواج ، يظهر أمامه هذه المعضلة و هي قيمة و مقدار المهر المطلوب من قبل أهل الفتاه التي يريد الزواج منها ، مما يجعله يعزف عن فكرة الزواج ، لأنه ببساطة في مقتبل عمره لا يملك مقدار هذا المال ، غير تكاليف الزواج الأخرى و منها تجهيز المسكن و تكاليف الزفاف و شراء كل احتياجات الزواج من أجهزة منزلية و أثاث ، و في ظل الظروف الراهنة من ارتفاع أسعار المنتجات ، يظهر غلاء المهور عائق جديد أمام الشباب للزواج ، و دائما ترتفع الأسعار من وقت لأخر و لا تقل أبدا مما يجعل الشاب ينفر من فكرة الزواج و يقرر اللجوء لعيش حياته بطرق أخرى بعيدة عن الزواج .
أسباب غلاء الأجور
1- ارتفاع أسعار المعيشة : و يرى البعض أن ارتفاع قيمة المهر هو نتيجة طبيعية لغلاء الأسعار في جميع احتياجات المعيشة في جميع أنحاء المملكة ، و نجد أن جميع اللوازم الطبيعية التي يحتاجها الفرد في حياته تكون مرتفعة السعر ، و لذلك فإن أهل الفتاه دائما يطلبون قيمة مرتفعة للمهر لكي تكفي احتياجات شراء مستلزمات العروس ، و التي هي في الأصل أسعارها عالية و تؤثر على المصاريف الشباب و على ظروف أهل العروس أيضا لصعوبة مساعدة الشاب في هذه المتطلبات الأساسية لبداية حياتهم .
2- أهل العروس : و يظن أهل الفتاه بأن المهر هو الضمان الحقيقي لحياة ابنتهم المقبلة عليها ، حيث أنهم لا يعرفون هذا الشاب و كيف سوف يعتني بها و يصرف عليها ، فيعتبر هذا المهر هو ثمن شراء الذهب و المصوغات و التي في نظرهم بالطبع سوف تؤمن مستقبل ابنتهم و تساعدها في وقت حدوث أي مشكلة ما بعد الزواج ، فهو في عيون الأهل بمثابة سلاح الفتاة التي تعتمد عليه إذا حدث لا قدر الله طلاق أو انفصال أو أي نوع من الصعوبات التي يمكن تواجهها في حين كون الزوج مجهول و غير مضمون .
3- نظرة المجتمع لقيمة المهر : و دائما نجد في مجتمعاتنا العربية نظرة الناس و المجتمع هي التي تقود الحياة اليومية و أمورنا في الزواج و المناسبات المصيرية هذه ، و من ضمن هذه النظرات هي النظرة التي ينظرها المجتمع للفتاة الحاصلة على مهر قليل ، فتكون في عين المجتمع هي فتاه بسيطة و أهلها بسطاء .
و جميعنا نعرف أن المجتمع يتأثر بالمظاهر فقط ، و لذلك يجب أن يكون المهر مرتفع دليل على غنى العريس و نجاح الزواج في المستقبل معتمد اعتماد تام على هذا المهر المرتفع ، مما يحول هذا الأمر الزواج إلى مجرد تجارة لتحقيق و ضمان المكسب و مستقبل ابنتهم و سعادتها،مبنية على المال المقدم لها لتقبل بالزواج ، و نجد الزواج محصور فقط للشباب الأغنياء فقط أما البسطاء فإنهم غالبا لا يستطيعون دفع هذه المهور .
طرق الحد من غلاء المهور
1- الأخذ في الاعتبار حال الشاب بعد الزواج : حيث نجد أن الشباب بعد الزواج غالبا سوف يعاني من الديون و القروض و التي أخذها لسداد قيمة المهر المدفوع قبل الزواج ، مما سوف يؤثر على حياته الزوجية بعد الزواج ، و سوف يجعله يعاني من قلة الدخل و هو في مقتبل حياته ، و المرجح استمرارها لسنين ، مما يؤثر على حياة بنتهم و التي سوف تعيش في حياة صعبة و غالبا سوف تنتهي حياتها بالطلاق لصعوبة سداد الديون على الزوج و الاستمرار في دفع مصاريف المعيشة اليومية .
2- الظلم الواقع على العروس : و نرى أن أغلب العائلات في المملكة يطلبون المهور العالية ، و التي تجعل العديد من الشباب ينفرون من الزواج ، لعدم قدرتهم على دفع هذه الأموال ، الأمر الذي يظلم الفتاة لعدم قدرتها على الزواج دون موافقة أهلها ، و تمر السنوات على عدم زواجها حتى تصل إلى سن كبيرة ، و يدركون الأهل هذه العواقب بعد فوات الأوان و عدم تقدم الشباب للزواج منها .
3- التوعية الدينية في المجتمع : و يجب أن يتم نشر أضرار غلاء المهور و عواقبها على الفتاه و على الشاب في جميع المساجد و الخطب الدينية ، حيث يكون المهر هو بمثابة عجز و عائق كبير أمام الشباب المتقدم للزواج ، و الذي يجعله يفكر في العدول عن فكرة الزواج و التوجه لطرق أخرى غير مشروعة و محرمة لعدم قدرته على الزواج من الفتاه التي يريدها .
فهو عبارة عن ظلم للطرفين و لا مكسب لهما به ، فلا يصون الفتاة سوى زوجها و أولادها الطبيبين و تربيتهم الصالحة ، و يعجز الشاب على أن يكون زوج صالح في ظل الظروف و الديون المحيطة به من جميع الجهات و التي تعجزه كليا عن ممارسة حياته بسعادة ، و نقل هذه السعادة للفتاة و أولاده .
و أخيرا يجب معرفة أن المهر ليس المال فقط ، ففي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مهر الفتاه ليس مقتصر على المال فقط ، فكان هناك من يطلب المهر أن يحفظ الشاب القران الكريم كله ، و منهم أيضا من كان يطلب أن يتعلم تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة ، و هناك كان لا يقبل بالمهر المادي و لكنه يعتمد على المهر المعنوي و هو طيبة الشاب و سمعته الحسنة و حفاظه على الفتاة بعد الزواج .