كما ذكرنا في مقالات سابقة فقد كان أول ظهور للعملة في العالم في القرن الثامن قبل الميلاد كان العرب في تبعية مطلقة من هذه الناحية لغيره من الدول و الممالك الأقوى منهم اقتصادياً وظلت هذه التبعية حتى ظهور الدعوة الاسلامية و تأسيس الدولة الاسلامية و انتشار الفتوحات الاسلامية و ازدهار الاقتصاد و التجارة و امتداد الدولة الاسلامية من الأندلس حتى الهند و إفريقيا و معظم آسيا فكان لابد من نقد خاص يليق بدولة قوية مزدهرة في كل المجالات الاقتصادية و العلمية و العسكرية ويواكب هذه التطورات فكانت الدولة الاسلامية في ذلك الوقت دولة عظمى لها مركزها العالمي و الدولي بين الدول و المماليك التي كانت في ذلك الوقت هذا ما استدعى صك نقود خاصة بها وكان أول صك لنقود عربية إسلامية في عهد الملك عبد الملك بن مروان في العصر الأموي حيث قام بأول خطوة في هذا المجال حيث عمل على تعريب النقود المتداولة داخل الدولة العربية الإسلامية تعريباً شاملاً فقد أنتج في عام 79 للهجرة أول دينار عربي خال من أي تبعية أجنبية لا يحمل صوراً لأي من ملوك الأجانب و مكتوب عليه بالخط العربي الكوفي فكان هذا انتصار كبير يفخر به كل عربي و يعتز به حتى وقتنا هذا ، و إليكم أعزائي القراء أشكال العملات العربية الإسلامية : دينار و درهم و فلس مصنوعة من ذهب و فضة و نحاس
ففي العصر الأموي : صك في عهد عبد الملك بن مروان ثلاثة أشكال للنقود و كان للدينار الذهبي أجزاء و هي من الذهب تقسم الى نصف دينار و ثلث دينار لكنها بقيت متأثرة نوعاً ما بالعملات المجاورة التي كانت منتشرة و كان العرب يستخدمونها مثل البيزنطية و الساسانية فقد استبدلت صور الملوك بأيات من القرآن الكريم و سجل إسم الحاكم و سنة الصك و مكانه عليها هذا و قد أصبح نمط العملات التي صكت في عهد الملك بن مروان قدوة لباقي العملات التي صكت في العصور الاسلامية التي تلتها فأصبحت العملات العربية الإسلامية متشابهة الى حد كبير
أما في العصر العباسي : لم يكن هناك فرق كبير بينها و بين العملات التي كانت منتشرة في العصر الاموي فقد اختلف الدينار العباسي عن غيره من الدنانير حيث رسمت على الوجه الخلفي منه دائرة كتب فيها محمد رسول الله عليه السلام و قد عمل بعض الخلفاء العباسيين على و ضع صوراً لهم على بعض النقود كما فعل المتوكل و المقتدر و كان هذا الأمر مخالف لما كان في العصر الاموي .
وفي العصر الطولوني : الطولونيون هم أسرة حكمت بلاد الفراعنة ( مصر ) حوالي 40 عام و قد عملوا على صك عملة ذهبية خاصة بهم وهي الدينار الذهبي الطولوني و الذي نقش في وسط أحد وجوهه عبارة تقول لا اله الا الله وحده لاشريك له
أما في العصر الفاطمي : لقد اتسمت العملة في العصر الفاطمي بصعوبة فهم النقوش التي رسمت عليها و كثرة أطواقها فقد كان منقوش في الطوق الأول عبارة تقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، أما في الطوق الثاني فقد نقشت عليها عبارة تقول (محمد خير المرسلين عليّ أفضل الوصيين)، و قد نقشت عبارة في الطوق الثالث تقول (محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) و كذلك في الوجه الآخر فقد رسم عدد من الأطواق ، هذا ما تميزت به النقود الفاطمية عن غيرها من النقود الإسلامية فكانت صعبة القراءة و كثيرة الأطواق
في عصر السلاجقة : ازدهرت الحضارة العربية الاسلامية في عصر السلاجقة ازدهار منقطع النظير و خاصة في بلاد ما يسمى باسيا الصغرى و هذا ما جعل صناعة النقود تزدهر أيضاً فقد صك الدينار السلجوقي و هو كان أول دينار إسلامي يرسم عليه بخط الثلث
أما في العصر الايوبي : اختلفت النقود في هذا العصر عن غيرها من النقود الإسلامية فقد خلت من نقش شهادة التوحيد عليها
و في العصر العثماني : صكت النقود في العصر العثماني برسم خط الثلث و بشكل واضح على الليرة العثمانية و بقيت هذة الليرات متداولة لفترة ليست بالقصيرة إذا ما قورنت مع غيرها من العملات الإسلامية القديمة و كانت الليرات العثمانية تحمل على أحد وجوهها شعار الدولة العثمانية و على الوجه الآخر عبارة ( عز نصرة ) و قد صكت النقود العثمانية في القسطنطينية
و هكذا ظلت العملات العربية و الإسلامية في تطور مستمر إلى أن وصلت إلى ما هي عليه في وقتنا الحاضر