العقوق فى اللغة يعنى: الشقّ ، وعندما يقال :(عقّ الولد أباه) أى عصاه ولم يحسن إليه . أما مفهوم عقوق الوالدين فيُقصد به أى تصرف يصدر عن الإبن ويكون به إساءة إلى الوالدين سواء من قول ، أو فعل ، إلا فى شرك أو معصية ، حيث يقول الإمام القرطبي المحدِّث: “عقوق الوالدين: مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أن برهما: موافقتهما على أغراضهما الجائزة لهما، وعلى هذا إذا أمرا، أو أحدهما ولدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه، إذا لم يكن ذلك الأمر معصية، وإن كان ذلك المأمور به من قبيل المباحات في أصله، وكذلك إذا كان من قبيل المندوبات”
مظاهر عقوق الوالدين :
هناك مظاهر وأشكال متنوعة من عقوق الوالدين منها :
– القيام بعمل أو التلفُّظ بقول يتسبب فى إبكاء وإحزان الوالدين مثل سبّهم أو ضربهم .
– نهر الوالدين وهى من صور عقوق الوالدين التى ذكرها الله تعالى فى القرآن الكريم ونهى عنها ، قال تعالى (وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً). (سورة الإسراء)
– التعالى والتكبر على الوالدين ، و إبداء الأوامر عليهما ، وهذا غير جائز حيث يجب علينا أن نطلب منهما ما نريد بأحترام .
– عدم الأهتمام بكلامهما عندما يتحدثا و مقاطعتهما ، والتقليل من شأن رأيهما.
– الأنانية وعدم تحمُّل مسؤلية الأخطاء و إلقائها على عاتق الوالدين .
– إنعدام الحياء فى التعامل مع الوالدين و الإفتخار بالقيام بالمنكرات أمامها مثل تدخين السجائر.
– عدم تقدير الحالة المادية للوالدين ، والإثقال عليهما بالطلبات .
– التسبب فى المشكلات لهما ، وذلك بالقيام بتصرفات طائشة وغير مسؤولة ، والتى بدورها توقعهما فى مواقف محرجة.
– التبرؤ منهما وذلك يحدث أحياناً عندما يصل الإبن إلى مكانة مرتفعة فى المجتمع ويخجل من الإعتراف بنَسبُه إلى والديه.
– إنتقاد أفعال الوالدين بحدّة وقلة إحترام ، مثل إنتقاد الطعام الذى تُعدّه الأم.
– عدم تقديم المساعدة لهما إذا احتاجا ذلك ، على سبيل المثال فى إعداد الطعام أو ترتيب المنزل وما إلى ذلك.
أسباب عقوق الوالدين :
غالبا ما يكون لهذا العقوق عوامل وأسباب تكون لها دور قوى فى حدوثه وسنتناول أهم هذه الأسباب :
– أن يكون الإبن جاهلاً بعواقب هذا العقوق ، وهذا يكون نتيجة لجهله بتعاليم الدين الذى أمرنا بالبر والإحسان للوالدين ونهانا عن العقوق.
– إهمال الوالدان فى تربية إبنهما ، وعدم تربيته على التقوى ، وبالتالى يبدأ الإبن بالتمرد والعقوق.
– أحياناً يري الإبن فى والديه التناقض الشديد وذلك عندما يأمرونه بفعل شئ ما ويقومون هم بفعل النقيض ، وبذلك تتشتت المفاهيم لدى الإبن و يتّجه للتمرد.
– للأصدقاء دورٌ هام فى تغيير سلوكيات الشخص والتأثير عليه ، فإذا كانوا أصدقاء سوء فإنهم يحثّونه على الفساد والعقوق بوالديه.
– التفرقة فى المعاملة بين الأبناء ، فيؤدى هذا إلى تولّد الحقد والضغينة بينهم وكره الوالدين.
– بعض الزوجات سيئات الخلق تحرّضن أزواجهن على التمرّد على الوالدين و قطيعتهما ، وذلك لمصلحتهن الشخصية ولكى تستأثرن بأزواجهن.
– يُعد الطلاق سبباً قوياً من أسباب العقوق وبخاصةً عندما لا يحترم الأبوان بعضهما البعض أمام أبنائهم ويقوم كلٌ منهما بذكر عيوب الآخر لأبنائه ، فيمكن أن تُحرّض الأم ابنها على عصيان والده.
– عندما يكبر الوالدان فى السن ويحتاجا لرعاية كبيرة ، فيتّجه بعض الأبناء أحياناً لإرسالهما إلى إحدى بيوت المسنين وذلك لكى لا يتحمّلوا عبء رعايتهما.
آثار وعقوبة عقوق الوالدين :
الإنسان العاق لوالديه لا يرتاح ابداً سواء فى الدنيا أو فى الآخره ، فقد جعل الله له عقابين في كلٍ منها ، ففي الدنيا لا يستجيب الله لدعواته وذلك لغضبه عليه ، كما أنه يجد الكراهية من الناس من حوله سواء أقاربه أو جيرانه ، ولا يبارك الله له فى رزقه بل يضيقه عليه ، كما أن الله يردّ له عقوقه لوالديه فى أبنائه ، فيعقّه أبنائه مثلما فعل هو مع والديه. أما فى الآخرة فلا ينظر إليه الله حتى وإن دخل الجنة ، یقول النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة:العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث”.