عُرف عن السلطنة العُمانية أنها غنية بالشخصيات العظيمة التي ساهمت في إرساء قواعد النهضة و الإزدهار و العدل في سلطنة عمان من بين هؤلاء الإمام العادل الوارث بن كعب الخروصي الذي عُرف بزهده و ورعه و تقوته و سوف تطلعك السطور التالية لهذه المقالة عن السيرة الذاتية الخاصة بالأمام العُماني العادل الوارث بن كعب الخروصي .
أولاً نشأة الوارث بن كعب الخروصي … نشأ الوارث بن كعب الخروصي ببلدة همار من وادي بني خروص تولى الوارث بن كعب الخروصي مقاليد الحكم بعد محمد بن أبي عفان ،و ذلك لمدة اثنى عشرة عاماً ،و بضعة شهور .
أهم صفات الوارث بن كعب الخروصي .. اشتهر الوارث بن كعب الخروصي بحسن معاملته لرعيته ،و حرصه الشديد على إرساء قواعد العدل ،و عُرف بزهده ووفقاً لما جاء على لسان أئمة عُمان أن الوارث بن كعب الخروصي من أفضل أئمة سلطنة عُمان ديناً ،و خلقاً ذات المعدن الطيب الأصيل الذي لا يستطيع أحد أن ينكر فضله على هذه البلد .
حكم عُمان عهد الوارث بن كعب الخروصي .. استبشر العُمانيون خيراً بولاية الخروصي فقد بايعوه على الدفاع عنهم ،و حمايتهم ،و الأمر بالمعروف فيما بينهم ،و النهي عن المنكر ،و كان الخروصي غاية أهلاً للأمانة اذا تمسك بكل قوة ،و حزم الولاية بعُمان ،و دافع عنها باستماتة ،و يذكر التاريخ أن عندما فكر هارون الرشيد في الأعتداء على السلطنة ليضمها لحكمه ،و جهز جيشاً عظيماً يقوده عيسى بن جفر المنصور لم يتهاون معهم الخروصي فقد أعد جيشاً عظيماً مكون من ثلاثة آلاف مقاتل ،و التقى الجيشان بمنطقة حتا الكائنة بشمال صحار ،و أظهر العُمانيون براعتهم في الدفاع عن أنفسهم ،و أرضهم بقيادة الخروصي حتى تمكنوا من أسر عيسى بن جعفر المنصور ،و بعد ذلك لم يتجرأ العباسيين على الأقتراب من أرض العُمانيون عهد الخروصي ،و تقول المصادر التاريخية أن أحد العُمانيين قد قتل عيسى بن جعفر المنصور بمحبسه في صحار .
وفاة الخروصي و هو ينقذ جنوده .. سطر التاريخ قصصاً تشهد بعدل الخروصي من بينها وقت تعرض عدد من رعيته في السجن بوادي كلبوه الكائن بنزوي تحت شجرة لحدوث مطراً غزيراً و سيولاً للأودية ،و كان الوارث بن كعب الخروصي يرى أن الفيضان يزداد ،و كاد أن يغرق الجنود فأمر الخروصي أن يطلقوا سراحهم خوفاً عليهم ،و لكن لم يتمكن أحد من الوصول إليهم و كان الخروصي يريد أن ينقذهم فقال جملته الشهيرة التي لن ينساها التاريخ “أمانتي ،و أنا مسئول عنهم غداً ” ،و تقول بعض المصادر أن الجملة هي ” هؤلاء رعيتي أمانتي في عنقي ” فذهب إليهم الخروصي لينقذهم بنفسه ،و لكن السيول اشتد عليه ،و كانت أقوى من رغبته الشديدة في إنقاذهم ،و للأسف جرفه هو ،و المساجين ثم بدأ منسوب الوادي يقل بالتدريج ،و كان أصحاب الخروصي يريدون انقاذه من هذا المجرى ،و لكنهم فوجئوا أن الخروصي قد فارق الحياة ،و تم العثور على جثمانه على الجانب الشرقي لشفير الوادي بسعال و اختلف كل من أهل سعال و العقر على مكان دفن ،و لكنهم بالأخير وجدوا أنه من الأفضل دفنه في المكان الذي عثروا عليه به فدفن جثمان الخروصي عند حافة الوادي .
نبذة عن مدرسة الوارث بن كعب الخروصي … بصمات الخروصي لا تنسى ،و اسمه سيبقى خالداً في أذهان العُمانيون جميعهم فقد أُنشئت مدرسة بأسمه مدرسة الوارث بن كعب الخروصي بتاريخ الرابع من يوليو عام 1971 ميلادياً ،و كانت في البداية مدرسة ابتدائية بمبنى مستأجر و لكن أصبح لها مبنى خاص بها في عام 1973 ميلاياً ،و تطورت ليلحق بها مبنى ثانوي عام 1986 ميلادياً ،و تعد هذه المدرسة من أكثر المدارس تقدماً بمنطقة الباطنة ،و هذا كله يعود لمجهوداته جلالة السلطان قابوس المعُظم حفظه الله لشعبه .