الحسن البصري : الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد مولى زيد بن ثابت الأنصاري ويكنى بأبي سعيد ، وهو إمام وعالم من أهم علماء الاسلام، ولقد تتلمذ على يد الكثير من الصحابة.
سيرة حياة الحسن البصري :
– ولد الحسن البصري في المدينة عام واحد وعشرين هجريا قبل أن يتوفى سيدنا عمر بن الخطاب بعامين، ولقد نشأ وتربى في بين السيدة أم سلمة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كانت والدته تخدم ام سلمة، وعندما كانت تنشغل والدته عنه كانت ترضعه أم سلمة لشدة حبها له، وكانت تخرجه للصحابة فيدعون له وقد دعي له عمر بن الخطاب قائلا (اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس).
– نشأ الحسن على حب القرآن الكريم منذ نعومة أظافره وحفظه في العاشرة من عمره، وأتاح له اختلاطه بالصحابة التعلم منهم، حيث أنه رأى عدد كبير منهم وعاش بينهم، وقد روى الكثير عنهم، لقد سمع سيدنا عثمان ابن عفان وهو يخطب في المسجد، وشهد يوم استشهاده
وعندما بلغ الخمسة عشر من عمر انتقل الحسن البصري إلى البصرة في عام 36 هجريا، وتعلم الكثير على يد الصحابة الذين استقروا في البصرة، حيث درس الفقه والحديث ، وتوسع في اللغة العربية، وعمل كمعلم لتلاوة القرآن الكريم وعمل على تقديم المواعظ والخطب الدينية ، واشتهر بسرد الحكايات الدينية .
عمل الحسن كاتبا في سنة 43هحريا في غزوة لأمير خراسان الربيع بن زياد الحارثي واستمر معه لمدة عشر سنوات، ثم استقر في البصرة وأصبح أشهر علماء عصره وحصل على مكان في مسجد البصرة وعمل على تعليم الناس أصول الدين وتذكرتهم بالموت والحساب، كان للحسن مجلسان للعلم أحدهما في منزله والاخر عام في المسجد يتناول فيه الحديث وعلوم القرآن واللغة .
ولقد تميز الحسن البصري بفصاحته وحكمته وبلاغته، وكان عابد زاهد يبكي كلما قرأ القرآن الكريم تأثير بكتاب الله، وكان مقاتلا شجاعا وقد شارك في بعض من الحروب، وقد قال جعفر بن سليمان: كان الحسن مِن أشدِّ الناس إذا حضر الناس، وكان أجمل الناس، وأروى الناس، وأسخى الناس، وأفصح الناس، وكان المُهلَّب بن أبي صفرة إذا قاتل المشركين فكان الحسن من الفرسان الذين يقدمون.
قيل عن رَوْح بن عبادة : حدَّثنا الحجَّاج الأسود قال : تمنَّى رجل، فقال: ليتني بزهد الحسن، ووَرَع ابن سيرين، وعِبادة عامر بن عَبْدِقَيْس، وفِقْه سعيد بن المسيب، وذكر مُطرِّف بن الشِّخِّير بشيءٍ، لا يحفظه روحٌ، فنظروا ذلك، فوجدوه كاملًا كله في الحسن.
ولقد تولَّى الحسن البصريّ القضاء في مدينة البصرةِ في عصر الخليفة عمر بن عبدالعزيز، الذي كان يحبه ويساعده في الكثير من الامور بسبب ورعا وعادلا ويحكم بكتاب الله، وكان الحسن لا يأخذ أجرا عن ذلك حيث قال أبو حرة الرَّقَاشِيُّ : كان الحسنُ لا يأخذ على قضائه أجرًا، وقد كتب الحسن للخليفة عمر بن عبد العزيز ينصحه قائلا له : (فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد أئتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله فبدد المال وشرد العيال، فأفقر أهله وبدد ماله).
وفاة الحسن البصري :
توفي الحسن البصري في الأول من رجب سنة مائة وعشرة من الهجر عن عمر يناهز الثمانية وثمانون عام، وكانت وصيته حيث قال أبو طارقٍ السَّعديُّ : شهِدتُ الحسن عند موتِه يُوصِي، فقال لكاتبٍ : اكتُبْ، هذا ما يشهَدُ به الحسن بن أبي الحسن، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، مَن شهِد بها صادقًا عند موته دخل الجنة
وقد تم دفنه في البصرة وقد حزن عليه الكثير من المسلمين، وكانت جنازته مشهودة حيث حضرها عدد كبير من الناس وصلى عليه المسلمون بعد صلاة الجمعة وظلوا متجمعين حوله حتى أن صلاة العصر لم تقم في المنزل.