تعاني العديد من الدول العربية من تدني مستويات التعليم حسب التصنيف العالمي للتعليم بالمقارنة بالدول الأوروبية المتطورة، وهذا على الرغم حضارة شعوب المنطقة وكوادرها التي تخرج منها إلا أنه مازال التعليم في أغلب الدول العربية من أكثر مستويات التعليم تراجعاً، وتعد مصر على الرغم تاريخها الكبير والعريق وعلى الرغم من الكوادر التي تخرج منها إلا أنها من أكثر الدول العربية التي تعاني من سواء التعليم خصوصاً في الفترات الأخيرة.

التعليم في مصر

انتشر التعليم في مصر القديمة منذ عهد المصريين القدماء الذين كانوا من أول الشعوب التي تخترع الكتابة وساهموا بشكل كبير في تطور الكتابة في العصور القديمة، ولقد سجل المصريين القدماء كل تاريخهم على جدران المعابد والقصور بالكتابة الهيروغليفية، وتم إنشاء (بر عنخ) والتي تعني بيت الحياة كأول مدرسة في تاريخ الإنسانية.

بعد أن دخلت المسيحية مصر في سنة 60م تغيرت العديد من الملامح في التعليم في مصر في هذه الحقبة حيث تم إلحاق الدارسون بالكنائس وتم إنشاء ما يعرف بالمدرسة اللاهوتية في الاسكندرية بدلاً من المعابد والمدارس التي كانت في معابد المصرية القديمة، وبعد الفتح الإسلامي ظهرت المدارس الملحقة بالمساجد، إلى أن ظهر الجامع الأزهر الذي يعد من أول المدارس التي تشبه المعاهد النظامية بمفهومها الحالي حيث كانت الدولة تقوم بدعم العملية التعليمية في الجامع الأزهر وكان يتم تأجير المدرسين والعلماء لتعليم الطلاب في الجامع الأزهر، على عكس العملية التعليمية قديماً حيث كانت تقام بها حلقات تعليمية تطوعية.

بعد ذلك بدأت الدولة في إنشاء المدارس هذا خلال عصر الدولة المملوكية والأيوبية، وعندما تولى محمد على الكبير حكم مصر، بدأ في عمل نقلة نوعية في التعليم حيث قام بتغير نظام التعليم في مصر حتى يصبح مشابهاً لنظام التعليم في كل العالم، وقام بإنشاء المدرسة وأنشأ أول جامعة في المنطقة العربية وهي الجامعة المصرية (جامعة القاهرة الآن).

توالت عملية إنشاء الجامعات المصرية بعد ذلك في عصر أبناء أسرة محمد على في عصر السلطنة المصرية، على الرغم من المعارضة الشديدة من الاحتلال البريطاني في هذا الوقت إلا أنه تم إنشاء العديد من الجامعات المصرية والمدارس، وظهرت العديد من الكوادر العلمية التي كانت تناضل من أجل تطوير التعليم في مصر، وبعد ثورة يوليو، كان هناك اهتمام كبير بالتعليم، فقامت الدولة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر بجعل التعليم مجاني.

سبب خروج مصر من التصنيف العالمي للتعليم

على الرغم من هذا التاريخ الكبير التي تملكها مصر في العملية التعليمة، إلا أنها أصبحت الآن تعاني في هذا العصر من تدهور شديد في العلمية التعليمية لم تمر به مصر منذ المصريين القدماء، وهذا يرجع إلى العديد من العوامل، وهي نفس العوامل المسببة لتدهور التعليم في العديد من دول العالم العربي، ومنها:

-يعد أحد أهم أسباب انهيار التعليم في مصر هو تخلي الدولة المصرية عن دورها في بناء وتطوير المدارس بشكل كبير، مما ترك الباب أمام المدارس التجارية مفتوح والتي يكون هدفها الأساسي هو التربح من وراء الخدمات التعليمية المقدمة وليس إخراج كوادر متعلمة ومثقفة بشكل جيد.

-التمييز والاختلاف بين مستوى التعليم بالمدارس حيث يوجد اختلاف كبير للغاية بين التعليم الحكومي العادي والحكومي المميز والحكومي الدولي، والتعليم الخاص بدرجاته أيضاً، والتعليم الديني المتمثل في المدارس القبطية وفي الأزهر، وهذا يجعل هناك تفاوت في درجات التعليم بين كل نوع، وعدم وجود رؤية واحدة تطبق على المنظومة التعليمية في مصر ويتم ضبطها بضوابط وخواص.

-عمليات الغش وعدم ضبط القائمين على العملية التعليمة في مصر من المدرسين والموظفين وغيرها.

-الزيادة من عملية التسرب من التعليم خصوصاً في المناطق الفقيرة.

-تدني المرتبات الخاصة بالمدرسين والعاملين في المنظومة التعليمية، مما جعلهم يلجؤون إلى الدروس الخصوصية وغيرها من الطرق التي تعمل زيادة دخلهم، وبالتالي عدم الاهتمام بالتعليم بحد ذاته، ولكن الاهتمام بالربح.

-لا يوجد منظومة تعليمية متطورة وحديثة مثل باقي المنظومات التعليمية التي تقوم على البحث والدراسة لإخراج نظام تعليمي متكامل يحل كل المشاكل التي تواجه التعليم في مصر.

الوسوم
مصر