تعد السياسة التعليمية جزء من سياسة الدولة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، والتربية هي الوسيلة التي تهيئ الظروف المناسبة لأداء التغير الاجتماعي، والنظم التعليمية في البلاد المختلفة وليدة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي نشأت فيها تلك البلاد، وتختلف النظم التعليمية المعاصرة باختلاف الظروف المحيطة بها، فبعض النظم التعليمية جاء نتيجة التطور البطيء عبر السنين، وجاء البعض الآخر نتيجة التغيرات الجذرية، وبعضها جاء وليد الرغبة في الإسراع بعملية التحول الاجتماعي، كما أن للقوى الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والسكانية تأثيراً مباشراً في حركة النظم التعليمية وتطورها بصورة مستمرة.
ومن المتوقع منطقياً أن يعاد النظر في أي نظام تعليمي بين الوقت والآخر، إذ أن أي نظام تعليمي عناصره متغيرة، ومن ثم فالنظام الديناميكي الفعال متغير أيضاً، ويجب عند دراسة معظم العناصر المكونة لنظام تعليمي من واقع الميدان، حتى تكون النتائج معبرة عن الممارسات الفعلية الرئيسية داخل النظام إلى أقصى حد ممكن.
اصدار وثيقة سياسة التعليم
وفي مجال التعليم رسمت المملكة غاياتها واشتقت أهدافها وخططت برامجها في ضوء ثوابتها، وبدأت مديرية المعارف في المملكة تخطو خطواتها الأولى بنفر قليل وإمكانات محدودة ويعد صدور وثيقة التعليم التي أعتمدها مجلس الوزراء في عام (1969) بالقرار رقم (779) من أهم المنجزات التربوية في المملكة، فالأصل في السياسة أنها نص مكتوب أو غير مكتوب يحدد الغايات والأهداف البعيدة التي تتوخاها الدولة في أي مجال، وغاية الدولة السعودية وأهدافها القريبة والبعيدة مرتبطة بالإسلام، فهو الإطار الذي يحدد حركتها، وشرعاً يوجه انطلاقها نحو خير الدين والدنيا. فكانت وثيقة التعليم البداية على مستوى النص المكتوب.
وثيقة سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية
– هي وثيقة مكتوبة مكونة من مائتين وستة وثلاثين بنداً صادرة عن اللجنة العليا لسياسة التعليم عام 1390هـ/ 1970م تحدد الاتجاهات والمنطلقات والأهداف العامة والفرعية للتعليم وتعتبر المرجع الأساس لنظام التعليم في المملكة.
– وتعد وثيقة سياسة التعليم الصادرة من اللجنة العليا لسياسة التعليم المرجع الأساسي لنظام التعليم وأهدافه وتخطيطه وكل ما يتعلق به من أحكام. ولقد جاءت سياسة التعليم في المملكة لتعبر عن مجموعة من الأغراض، منها، أغراض دينية، وأغراض تنموية، وأغراض تربوية تعليمية عامة، وأغراض تربوية محددة لكل مرحلة تعليمية.
إيجابيات وثيقة سياسة التعليم في المملكة
– عملت وثيقة سياسة التعليم على ترسيخ مباديء العقيدة السليمة في نفوس النشئ.
– ربطت وثيقة سياسة التعليم العمل في الحياة الدنيا بالحياة في الآخرة وأن تلك الدنيا هي دار عمل أما الآخرة فهي دار الحساب.
– أقرت وثيقة سياسة التعليم حق الفتاة في التعليم كما حرصت على أنها تقدم مناهج توفر لها الإفادة في حياتها لكن مع الأخذ على تلك المناهج أنها أصبحت تفتقر إلى التجديد والإثراء من خلال إضافة الموضوعات المهملة لخاصة بالمرأة في وقتنا الحالي.
– قدمت وثيقة سياسة التعليم؛ التعليم المجاني لجميع الفئات المجتمعية في الدولة كما تم تيسيره في مختلف المراحل.
– حرصت وثيقة سياسة التعليم على أسمى المعاني الإنسانية والاسلامية، إلى جانب الحرص علي توحيد الأمة والمساواة بين كافة أفراد المجتمع وأن تصبح هذة الأمة الإسلامية صفاً واحداً متضامناً.
– تحفظ وثيقة سياسة التعليم كرامة المسلم حيث تضمن له أن لا تقام عليه التجارب العلمية.
سلبيات وثيقة سياسة التعليم في المملكة
– عدم وجود فلسفة عامة واستراتيجية مستقبلية محددة.
– ازدياد المسافة اتساعا بين الجامعات وسياق التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
– هبطت وظيفة الجامعة من التفكير والتنظيم للمجتمع، إلى إمداد الصفوة الحاكمة بالموظفين من الأساتذة، والذين لم يعودوا قادة، بل خبراء يؤخذ برأيهم أحيانا، ولا يؤخذ به في أحيان أخرى.
– انخفاض مستوي العملية التعليمية في جامعتنا، مما يستدعى ضرورة البحث عن سبل تحقيق جودتها.
– هناك ضعفا واضحا في بعض النقاط الأساسية في وثيقة التعليم في المملكة العربية السعودية مثل التركيز على العقيدة الإسلامية والسياسات المتبعة في وضوح مفرداتها ومرونتها، مرونة الوثيقة لاستيعاب المستجدات في الساحة التعليمية، وكان هناك أيضا ضعف مناسبة الوثيقة التعليمية مع المتغيرات الزمنية، وعدم التركيز على التنمية البشرية بأبعادها العقلية والنفسية والاجتماعية.
– هناك تقصيرا كبيرا في الارتقاء بالتعليم وتنوع التخصصات المختلفة وزيادة الكفاءات للنهوض بالأمة العربية والإسلامية، وتحقيق الهدف المعهود من تشجيع النشء، والعمل على الحصول على درجات علمية عالية، وإكساب المهارات العقلية والفكرية لدى الأمة، لا سيما إن التعليم العالي بحاجة إلى مزيد من العناية والتوسع مع توفير المتطلبات اللازمة من الكفاءات البشرية لإكساب الخبرة ليتناسب مع التقدم العلمي والتكنولوجي، ولكن كان هناك ضعف في هذا الجانب من قبل وثيقة التعليمي أما التركيز على البحث العلمي وحظه من وثيقة التعليم في المملكة فكان ذو حظ قليل جدا.
– مستوى تخطيط الوثيقة العامة للتعليم بالمملكة العربية السعودية يعطى التعليم العالي حظا ضئيلا وأقل بكثير مما يجب أن يكون عليه ليواكب تطورات العصر، ويزيد من تقدم البلاد في البحث العلمي مع الازدهار السريع والملحوظ في التكنولوجيا والبحث العلمي.