لكل بلد عاداتها وتقاليدها، التي تتمسك بها كما أن لها أيضا لباسها الذي يمثل لها تاريخها، ويعد تمسكها به هو نوع من التمسك بحضارتها الأصيلة، ومن تلك الألبسة هي البشت أو المشالح، وهو عبارة عن زي يرتديه أهل الخليج عمومًا، والبشت هو عباءة خاصة بالرجال، يتم ارتدائها فوق ملابسهم، ولها تاريخ طويل مع العرب حيث كان يتم ارتدائها من قبلهم منذ آلاف الأعوام.
كما أنه يعد من ضمن الطقوس اليومية التي يواظب الرجل الخليجي على اتباعها، خاصتا في الأفراح والحفلات وأوقات الصلاة، وسائر المناسبات العامة والخاصة، نظرا لما يعطيه هذا الزي من هيبة ووقار لمن يقوم بارتدائه، وهو مكمل رئيسي للزي السعودي، ومن الجدير بالذكر أنه يمنع على الرجال داخل المملكة الدخول إلى الأماكن الحكومية بدون هذه العباءة، ومن تحتها الزي الرسمي.
المادة التي يتم صنع البشت منها
يصنع البشت من أنواع مختلفة من الأقمشة، وهي الحرير والقطن والصوف، ولكن البشوت التي يتم صناعتها من الصوف تستخدم بكثرة، عن التي يتم صناعتها من الحرير، وذلك بسبب أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال بتحريم مادة الحرير على الرجال، لذلك نجد أن البشت الذي يصنع من مادة الحرير يوجد بنسبة قليلة جدا لعدم الإقبال على شرائه، ويتم صناعة البشت يدويًا.
ولكي يصنع البشت من مادة الصوف يتم في البداية صناعة الغزل الذي يصنع منه قماش البشت، وهذا الغزل يتم صناعته من الأصواف الخاصة بالإبل والماعز، وصناعة هذا الغزل يحتاج إلى وقت طويل حتى يتم الحصول عليه، ثم بعد ذلك يتم صناعة القماش الذي سيتم استخدامه في خياطة البشت، كما أن البشت المصنوع من الصوف، لا يفسد أو يبلى سريعا، ولكن يكون عمر بقائه أطول من المصنوع من مادة القطن أو غيرها.
مميزات البشت الحساوي
حياكة البشوت أو المشالح هي مهنة الأجداد التي توارثها العديد من أبناء الأسر في الأحساء أبًا عن جد، فمدينة الأحساء بالمملكة تعد من الأماكن التي تقوم بصناعة البشت بجميع مراحل تصنيعه، كصناعة الغزل الذي سوف يتم صناعة القماش منه، وخياطته وتطريزه إلى آخره، ولذلك فإن البشت المصنوع بمدينة الأحساء يمتلك شهرة واسعة، حتى أن تلك الأسر التي تعمل في حياكة البشت باتت أسماؤها أشبه ما تكون بالعلامة التجارية (الماركة) التي يتسابق الآلاف على اقتناء بشت من إنتاجها مثل عائلة الخرس والقطان وأبو حليقة، والمهدي، والبقشي.
حيث يقدم الآباء على تعليم أبنائهم أسرار حرفة صناعة المشالح منذ الصغر، وحتى النساء يشاركن في عملية صناعة المشلح بدءًا من حياكة خيوط البشوت لدى الحايك والذي يعمل على النول، وحتى خياطته وتركيب خيوط الزري الذهبية. وكلما كانت الزخرفة دقيقة ومتميزة كلما ارتفع سعر البشت.
وقد تطورت كثيرا وتنامت صناعة البشوت في الأحساء وازدهرت بصورة لافتة، فأصبح لها معارض كبيرة جذابة وذلك لما تشتهر به البشوت الحساوية عبر العقود بدقتها وروعتها وفخامتها وحتى أن البشوت التي تباع في العديد دون الخليج كان في البداية مصدرها الأحساء وأسرها المعروفة. حتى أن بعض الأسرال حساوية هاجرت إلى دول الخليج والعراق والشام وحتى إيران فنقلت معها أسرار صناعة وإنتاج البشوت والمشالح ومع هذا مازال كبار المسؤولين في المملكة والخليج يوصون على شراء البشت الحساوي لثقتهم الكبيرة في جودته.
مناطق أخرى تشتهر بصناعة البشت
ومن البلدان التي يوجد بها تلك الصناعة دولة الإمارات العربية المتحدة، ويتم صناعة البشت فيها داخل مدينة الشارقة، والتي تتميز بصناعتها للغزل والنسيج، كما أن دولة البحرين العربية تعد من ضمن الدول التي تشتهر بصناعة البشت، وكذلك العراق، وبالتحديد مدينة النجف، والذي يشتهر البشت الخاص بها بقماشه شديد الخفة، ومن البلاد الشهيرة بذلك أيضا عمان، حيث يتم صناعة البشت داخلها في مدينة نزوى، ويأخذ البشت النزواني نصيب كبير من الشهرة داخل الخليج العربي، كما يتم استيراد بعض الأقمشة من خارج الخليج العربي، كألمانيا وفرنسا وسويسرا والهند واليابان ولندن وغيرها من البلدان الأخرى.
اختلاف نوع البشت تبعًا لتغير الفصول
ويختلف البشت الصيفي عن الشتوي أو الربيعي والخريفي، من حيث نوع القماش، فالبشت الصيفي يمتاز بوزنه الخفيف، وقماشته الرقيقة، على العكس من البشت الشتوي الذي تكون قماشته ثقيلة وممتلئة بالصوف من أجل الإحساس بالدفء، كما يوجد نوع أخر أكثر وسطية وهو القماش الخريفي أو الربيعي الذي يتميز بكون قماشه متوسط بين الخفة والثقل.
اختلاف ألوان البشت تبعًا للوقت ونوع المناسبة
ويختلف لون البشت تبعا للوقت الذي يتم ارتدائه فيه، وأيضًا المكان فالبشت الخاص بأصحاب الوظائف وأيضا الذي يتم ارتدائه في الأعراس يكون لونه أسود، وإذا كانت المناسبة صباحية يتم ارتداء البشت ذو اللون الأبيض، أما إذا كانت وقت العصر يكون لونه بني، وفي المساء يكون لون البشت هو الأسود.