الفيلسوف رودولف كارناب والمنطفي الألماني يهودي الأصل ، يعد أحد أهم زعماء الفلسفة التجريبية المنطقية أو الوضعية المنطقية ، وولد هذا الفيلسوف في رونسدوف بالقرب من بارمان في ألمانيا ، وتوفي في كاليفورنيا .
حياة رودولف كارناب : درس رودولف في الفترة ما بين 1910-1914م في جامعتي فرايبورغ وجيينا ، وتخصص في الفلسفة والفيزياء والرياضيات ، وكان لأستاذه الرياضي المنطقي غوتلوب فريغه أثرا كبيرا عليه ، وفي عام 1929م حصل على الدكتوراه من نفس الجامعة ، حيث قدم رسالة بعنوان ” المكان : إسهام في نظرية العلم” ، كما تأثر تكوينه الروحي بكل من رسل وفتغنشتاين ، كما تأثر بجماعة فيينا التي تأسست على يد موريتس شليك عام 1924م ، والتي كانت تبشر بوجود فلسفة علمية هدفها توحيد العلوم وتأسس منهج التحليل المنطقي ، فأصبح ضمن الشخصيات الشهيرة الموجودة بها وأحد أعضائها النشطين .
أصدر رودولف مجلة دولية عنوانها “المعرفة ” بالتعاون مع هانس رايشنباخ في الفترة 1891 – 1953م ، وكانت بمثابة لسان حال الوضعية الفلسفية ، كما درس “منطق العلوم” من 1926-1931م ، في جامعة فيينا ، و”الفلسفة الطبيعية” من 1931- 1953م في جامعة براغ ، ولكنه هاجر إلى الولايات المتحدة على أثر تحول ألمانيا إلى النازية ، وتم تعيينة أستاذا للفلسفة في جامعتي كاليفورنيا وشيكاغو ، كما شارك في العمل على إصدار “المسوعة الدولية للعلم الموحد ” مع أوتو نويرات وشارلز موريس .
اصدارات كتبه وأبرزها :
1928م :- «البناء المنطقي للعالم» The Logical Construction of the World .
1934م : «التركيب المنطقي للغة» Logical Syntax of Language .
1935 : «الفلسفة والتركيب المنطقي» Philosophy and Logical Syntax.
1942م : «المدخل إلى السيمانطيقا: نظرية المدلولات اللفظية» Introduction to Semantics
1947م : و«المعنى والضرورة» Meaning and Necessity .
1950م : «الأسس المنطقية للاحتمال» Logical Foundation of Probability
1952م : و«المتصل في المناهج الاستقرائية» Continuum of Inductive Methods
1954م : «مقدمة في المنطق الرمزي» Introduction to Symbolic Logic
يعتمد كارناب على اتجاهه المنهجي ،لصياغة نسق تقني يطبق على بعض المسائل الفلسفية بغرض حلها ، فكان يسعى في كتابه ” البناء المنطقي للعالم ” تطبيق هذا المنهج الذي قام رسل بتطبيقه على الموضوعات الرياضية ، وهو يرد الفلسفة إلى تحليل منطقي للغة العلم الذي يقوم على المنطق الرياضي ، ويقول أن النظرية التي يعتمد عليها هذا التحليل هي مزيج بين التجريبية المثالية في تفسير المنطق والرياضيات ، والمفهوم الفلسفي للوضعية الجديدة في هذا المذهب تتداخل مع الدراسات النظرية للمنطق ، بالإضافة إلى التحليل القائم على المنطق ومنهج البحث العلمي .
تطور فكر كارناب خلال مرحلتين أساسيتين ترتبطان بطبيعة المنهج المنطقي ، المرحلة الأولى هي الإهتمام بالبناء اللفظي ، والثانية هي مرحلة الإهتمام بالمدلول اللفظي (المعنى ) ، يعتمد منهج المرحلة الأولى على البناء أو التركيب واستعان فيه بالمناهج السابقة لماخ ، رسل وفتغنشتاين ، وموضوعها هو مبدأ قابلية القضايا للرد عن طريق التعريف البنائي وترتيب التعريفات في نسق بنائي .
وتأثر كارناب بأبحاث كارل بوبر ، وسعى لتعديل فهم تركيب المعرفة التجريبية ، حيث وضع تصور جديد لمعيار المعنى التجريبي والقواعد الخاصة به ، استطاع تحديد الفرق بين القضايا التجريبية التي يمكن التحقق من صدقها (مبدأ التحقق ) ، وبين القضايا الميتافيزيقية التي لا يمكن التحقق من معناها تجريبيا ووصفها بالقضايا الفارغة أو أشباه قضايا لامعنى لها .
كما فرق كارناب بين ما أسماه لغة الموضوع التي تعبر عن وقائع وموضوعات العالم ومنها (إن الوردة حمراء) ، وبين اللغة الشارحة أو ماوراء اللغة ، وتشمل الموضوعات التي لا يمكن التعبير عنها أو شرحها وهي لغة صورية (إن الكرة حمراء) ، والفرق أن مثال ( إن الوردة حمراء) موضوعي وحقيقي .