لقد توالى على مر العصور عدد لا حصر له من الحضارات الهامة التي قد أحدثت تغيرًا ملحوظًا في مجرى التاريخ ، ولقد أثرت تلك الحضارات وتأثرت ببعضها البعض ، ومن أهم هذه الحضارات هي الحضارة الاغريقية والحضارة الرومانية والحضارة الإسلامية وغيرهم .

الحضارة الإغريقية

الحضارة الإغريقية أو المعروفة أيضًا باسم الحضارة الرومانية هي واحدة من أقدم الحضارات التي شهدها التاريخ ، وهي تشمل كل من اليونان ودول آسيا الصغرى ، وقد انتهت تلك الحضارة وعقبتها حضارة أخرى إبان الغزو الروماني لليونان وآسيا الصغرى .

وقد امتدت الحضارة الإغريقية منذ عام 1200 ق.م. بعد انتهاء الحضارة الميسينية واستمرت حتى عام 323 ق.م. بموت الإسكندر الأكبر ، ولقد شهدت تلك الفترة عدد كبير من الإنجازات الهامة في كافة المجالات مثل المجال العلمي والسياسي والفني والفلسفي والتاريخ والشعر وغيرهم ، وقد تركت العديد من الإسهامات الهامة التي أثرت في الكثير من الحضارات الأخرى العربية والغربية بشكل إيجابي ومثمر .

أما فيما يخص الديانة لدى الحضارة الإغريقية ؛ فقد كان هناك تعدد الهة في تلك الحضارة ومن أشهرهم كل من زيوس وزوجته هيرا ، واثينا وأبولو وأفروديت وديونيسوس وغيرهم ، وكان ينظر أبناء الحضارة الإغريقية إلى تلك الالهة على أنها مصدر للسعادة والإخلاص ، وكانوا أيضًا يعطون قدر كبير من القدسية والاحترام للكهنة .

تأثر الحضارة الإسلامية بالحضارة الإغريقية

لقد تأثرت الحضارة الإسلامية العظيمة بحضارة الإغريق من عدة جوانب سواء على المستوى السياسي والعسكري أو الثقافي وغيرهم ، على النحو التالي :

-من الناحية العسكرية ؛ تأثر المسلمين بالحضارة الإغريقية بشكل كبير ؛ حيث أنها كانت تمتلك العديد من الخطط العسكرية والتطورات الهامة والأسلحة التي قد ساعدتهم على التغلب على أعدائهم ، وهذا ما تعلمه أبناء الأمة الإسلامية من أجل التخطيط الجيد والتصدي الناجح للأعداء .

-الجانب الثقافي : ونظرًا إلى براعة الحضارة الإغريقية في ترجمة العديد من الكتب سواء الثقافية أو العلمية أو الفنية ، تمكن المسلمين من الاستفادة من هذه الكتب والحصول على العلم الموجود بها وخصوصًا في مجال العلوم الطبيعية والطب والأدب والفلك .

-وقد برعت الحضارة الإغريقية في الجانب الفني ، وهنا أخذ المسلمين من تلك الحضارة بعض العلوم الفنية وقد قاموا بتطويرها وإضافة اللمسة الإسلامية عليها من أجل أن تكون متوافقة مع تعاليم الدين الإسلامي والعقيدة الإسلامية ، وقد ظهر ذلك جليًا في الفنون والزخارف التي قد ظهرت على المباني والمساجد وغيرها .

-وكانت الحضارة الإغريقية أيضًا مهتمة بالتطور السياسي ونظام الحكم بها ، وهذا ما درسه المسلمين أيضًا ولكن لم يكون هناك اعتماد كامل على أنظمة الحكم لديهم ؛ إذ أن الأمة الإسلامية كان لها منهجها الخاص في اختيار خليفة المسلمين وإقامة دولة العدل فيما بين أبناء الأمة .

ولم تتوقف استفادة الحضارة الإسلامية من الحضارات السابقة على العصور القديمة فقط ؛ بل إن المجتمعات الإسلامية المعاصرة الان قد استفادت أيضًا من النهج الذي اتبعه المسلمون الأوائل في التعامل مع مختلف الحضارات الأخرى ، حيث أن العلم والمعرفة التي قد نقلها المسلمون وقاموا بتطويرها ووضع لمساتهم عليا لا زال يتم الاعتماد عليها الآن في الكثير من جوانب الحياة .

وقد ساعد الاختلاط مع الحضارات الأخرى بغض النظر عن الانتماء الديني في الحصول على الكثير من الفوائد ، ومن الأمثلة على ذلك تميز المسلمين بالأخلاق الحميد والنبيلة والحكمة في اتخاذ القرار وهذا ما ساعد على انتشار الإسلام في مختلف أنحاء العالم من خلال إطلاع الحضارات الأخرى على أخلاق المسلمين والتأثر بهم والعزم على الإنتماء إلى هذه الأمة أيضًا .