حققت الفتوحات الإسلامية في المغرب الكثير من النجاح؛ إذ بعد مقاومة كبيرة من القبائل البربرية للفاتحين المسلمين، آمنت القبائل البربرية بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً، ومن ثَم أصبح هؤلاء البربر مسلمين، لهم ما للفاتحين من حقوق، وعليهم ما عليهم من واجبات، ومن هنا أدرك الفاتحون العرب أن الأخوَّة في الدين تستوجب نشره.
كان موسى بن نصير عامل الخلافة الإسلامية في إفريقية قد استأذن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في غزو الأندلس، بعدما خضعت بلاد المغرب الأقصى للدولة الإسلامية، وعُيّن طارق بن زياد واليًا على مدينة طنجة، وبالفعل وافق الوليد على فتح الأندلس، وأرسل أوامره إلى موسى بن نصير بضرورة التحرك نحو الأندلس.
جهز موسى بن نصير حملة استطلاعية مؤلفة من خمسمائة جندي، منهم مائة فارس بقيادة طريف بن مالك -الملقَّب بأبي زُرعة وهو مسلم من البربر- وجاز هذا الجيش الزُّقاق (مضيق جبل طارق) من سبتة بمجموعة من السفن، ونزل في جزيرة "بالوما" في الجانب الإسباني، وعُرفت هذه الجزيرة فيما بعد باسم هذا القائد: جزيرة طريف.
وكان إبحار هذه الحملة من سبتة في الأول من رمضان عام 91هـ، وقد جال طريف في المدينة والنواحي المحيطة بها، واستطلع أخبار العدو في تلك الجهات، وعادت حملة طريف بالأخبار المطمئنة والمشجعة على الاستمرار في عملية الفتح؛ فقد درس أحوال المنطقة وتعرّف على مواقعها، وأرسل جماعات إلى عدة أماكن -منها جبل طارق- لهذا الغرض، فكانت هذه المعلومات عونًا في وضع خُطة الفتح، ونزول طارق بجيشه على الجبل فيما بعد.وبدخول القائد المسلم طريف بن مالك البربريّ الأندلس -لأول مرة- في الأول من رمضان من عام 91هـ، فقد هيأ لدخول الإسلام هذه الأرض؛ ليظل فيها مدة ثمانية قرون متواصلة، حتى سقوط الأندلس على يد الإسبان لتزول دولة الإسلام فيها في أواخر القرن التاسع الهجري.