200 عام مضت على هزيمة حملات طوسون ابن علي باشا قائد جيوش محمد علي باشا العثماني ، حيث دارت معارك شرسة بين أهالي بلدة وادي تربة الواقعة بين عالية نجد والطائف ، والتي كان للشيخة غالية البقمية الفضل الكبير في هزيمة ودحر الأعداء .
يتميز وادي تربة بأنه مكان سهل الاتصال مع الحجاز وقربه من صحراء نجد ، الذي كان ممرا لقوافل التجار ، وقد اشتهر المكان ببطولات سكانه لحملات محمد علي باشا في محاولاته للهجوم على المملكة ، والتي انتهت بانتصار الملك عبد العزيز على قوات الشريف في عام 1337 ه .
بين هذه الأحداث تبرز بطولة غالية البقمية في المعركة التي دارت بين أهل الوادي والأتراك والعثمانيين مع الأشراف ، والتي كانت زوجة لأمير وادي تربة الذي كان مريضا أثناء الحرب ، مما دفعها للقيام بدوره أما الجنود حتى أنها أخفت خبر وفاته أثناء المعركة حتى لا يفزع الفرسان .
الشيخة غالية البقمية بنت الشيخ عبد الرحمن بن سلطان البدري الوزاعي البقمي ، وزوجة الشيخ حمد بن عبدالله بن محي شيخ الموركة والمحاميد من البقوم ، والذي نصب أميرا على تربة بأمر من الدولة السعودية الأولى ، عاشت الشيخة غالية في قصر فسيح يرجع تاريخه ل300 عام مع زوجها الذي توفي خلال حملات محمد علي باشا عام 1229 .
شاركت الشيخة غالية بأعمال بطولية في تلك الحرب بتقديم السلاح والمال والتي تعيد للذاكرة بطولات شجرة الدر خلال الحرب ، إذ أخفت الأميرة غالية خبر وفاة زوجها بالإتفاق مع هندي بن محيي ، والشيخ رشيد بن جرشان حفاظا على معنويات الجنود من أبناء القبيلة ، كما قامت بتوزيع السلاح والتمور والخيول للمقاتلين لتشجيعهم ورفع روحهم المعنوية ، كما عملت على التخطيط للمعركة حتى ساعدت في الانتصار على جيش العدو البالغ 40 ألف جندي مسلح ، حتى تدوالت الأساطير بين الناس والتي وصلت اسماعها لجيش العدو الذي كان يصفها بالساحرة ، وكانت المعركة قد دارت رحاها في واد السليم الذي سمي بعد المعركة بوادي الريحان بعدما روي بدماء الجنود الشجعان .
أصبحت الأميرة غالية القائدة السعودية بطلة شهيرة بسدادة الرأي وقوة الشخصية في كتب التاريخ ومؤرخي الحجاز ، العراق ، ومصر ، بالإضافة لكتب الرحالة والمستشرقين مثل الرحالة السويسري جون لويس بوركهارد الذي ورد في احدى كتابته : أمر علي باشا جنوده بمهاجمة البلدة فورا ، إلا ان العرب استبسلوا بشجاعة بجهود غالية ، كما لا يزال أهالي بلدتها يذكرونها بفخر وخاصة من النساء ، مع الحزن لقلة الاهتمام الأدبي والتاريخي لبطولاتها حتى أنهم يجهلون تاريخ ومكان وفاتها حتى الآن .
وفي لقاءات صحفية مع أهالي البلدة ناشدوا هيئة السياحة والأثار الاهتمام بالمكان الأثري الذي اشتهر بتاريخه ، وخاصة بعد ذكر الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله في أحد اللقاءات عن وجود تاريخ البقوم ومكانتها ذات شهرة في متاحف بريطانيا وفرنسا وهو ما لم يجده في بلادنا
وأضافت الدكتورة فاطمة الراجحي قولها عن فقدان الشيخة غالية لمكانتها التاريخية بالرغم من دورها القيادي للفرسان خلال الحرب للدفاع عن بلادها وديرتها ، كما عبر الشيخ محمد بن محيي عن تكتم القبائل عن الكثير من الأخبار والأحداث التاريخية ، وبالرغم من ذلك لا نستطيع القول سوى أن الأميرة غالية البقمي ملهمة السعوديات بدءا من أهالي بلدتها الساعيات لتخليد أسمائهن في التاريخ بالبطولات التي تضاهي شجاعتها وقدرتها الحازمة لقيادة الجنود للانتصار على العدو وحماية الوطن .