ظهر لدى العرب في العصر الجاهلي الكثير من فحول الشعراء و الأدباء و الحكام ، و الذين قد ذيع صيتهم و خُلدت أشعارهم إلى يومنا هذا ، و من بين هؤلاء العظماء برز حرثان بن محرث بن الحارث أو كما يُلقب “ذو الإصبع العدواني” .
نبذة عن ذو الإصبع العدواني
– ذو الإصبع العدواني هو حرثان بن محرث بن الحارث بن ربيعة بن ثعلبة بن سيار بن هبيرة بن ثعلبة بن ظرب بن عمرو بن عباد بن يشكر بن عدوان ، و هو من قبيلة تُسمى عدوان ؛ أحد قبائل العدنانية ، و يعتبر حرثان بن الحارث أو ذو الإصبع العدواني أحد الشعراء و الحكماء في العصر الجاهلي ، و له العديد من القصائد التي نظمها في قومه و في أهل بيته ، و خاصة زوجته ريا ، و التي كان يكن لها حبًا جمًا ، و قد توفي قبل الهجرة النبوية باثنين وعشرين عاماً .
– عاش ذو الإصبع فترة اختلاف قبيلته عدوان و تفرق أمرها ، فحاول مراراً أن يصلح بين الفرقاء من أفراد قبيلته و يوحد شملهم ، إلا أن محاولاته باءت بالفشل ، و انعكس ألمه و حسرته إلى ما آلت إليه قبيلته من فرقة و ضعف على شعره .
– كان ذو الإصبع فارساً شجاعاً مهاباً محترماً في قبيلته ، و ظل حتى آخر سنيّ حياته متوقد الذهن ينطق بالحكمة و القول الحسن ، و له قصيدة مشهورة في ذلك ، و بعض أبياتها صارت حكماً و أقوالاً مأثورة .
سبب تسمية ذو الإصبع العدواني بهذا الاسم
– سمي ذا الإصبع العدواني بهذا الاسم لأن كان له أصبع زائد في رجله ، و قيل لأن الحية نهشت أصبعه و قطعته، و أيضا هو من المعمرين إذ تجاوز عمره المئة عام بكثير ، و كان لذي الإصبع أربع بنات و كانت إحدى بناته و هي أُميمة شاعرة أيضاً .
بعض أشعار ذو الاصبع العدواني
– كلُّ امْرِئء رَاجعٌ يَوْماً لِشيمَتِهِ *** وإِنْ تَخَالَقَ أَخْلاَقاً إِلى حِينِ
لا يُخرِجُ الكَرْهُ منِّي غَيْرَ مَأْبِيَةٍ *** ولا أَلِينُ لِمَنْ لا يَبْتَغِي لِيني
– وفيهم رباط الأعوجيات والقنا *** وأسيافهم فيها القضاء المجرب
وهم جمرات الحرب لم يلف مثلهم *** إذا لم يكن لناس في الأمر مذهب
وجوههم تندى وتندى أكفهم *** إذا لاح برق للمخيليين خلب
سليم وعدوان و فهم تناولوا *** مفاخر عز لم تنهلهن يعرب
– أأسيد إن مالا ملكت فسر به سيرا جميلا *** آخ الكرام إن استطعت إلى إخائهم سبيلا
و اشرب بكأسهم وإن شربوا به السم الثميلا *** أهن اللئام ولا تكن لإخائهم جملا ذلولا
إن الكرام إذا تواخيهم وجدت لهم فضولا *** و دع الذي يعد العشيرة أن يسيل و لن يسيلا
أبني إن المال لا يبكي إذا فقد البخيلا *** أأسيد إن أزمعت من بلد إلى بلد رحيلا
فاحفظ و إن شحط المزار أخا أخيك أو الزميلا *** و اركب بنفسك إن هممت بها الحزونة
– و السهو لاوَصِلِ الكِرَامَ وَ كُنْ لِمَنْ تَرْجُو مَوَدَّتَهُ وَصُولا
وَ دَعِ التَّوَانِيَ فِي الأُمُورِ وَ كُنْ لَهَا سَلِسًا ذَلُولا
وَ ابْسُطْ يَمِينَكَ بِالنَّدَى وَ امْدُدْ بِهَا بَاعًا طَوِيلا
وَ ابْسُطْ يَدَيْكَ بِمَا مَلَكْتَ وَ شَيِّدِ الحَسَبَ الأَثِيلا
وَ اعْزِمْ إِذَا حَاوَلْتَ أَمْرًا يَفْرِجُ الهَمَّ الدَّخِيلا
وَ ابْذُلْ لِضَيْفِكَ ذَاتَ رَحْلِكَ مُكْرَمًا حَتَّى يَزُولا
وَ احْلُلْ عَلَى الأَيْفَاعِ لِلعَافِينَ وَ اجْتَنِبِ المَسِيلا
وَ إِذَا القُرُومُ تَخَاطَرَتْ يَوْمًا وَ أَرْعَدَتِ الخَصِيلا
فَاهْصِرْ كَهَصْرِ اللَّيْثِ خَضْ ضَبَ مِنْ فَرِيسَتِهِ التَّلِيلا
وَ انْزِلْ إِلَى الهَيْجَا إِذَا أَبْطَالُهَا كَرِهُوا النُّزُولا
أقوال مأثورة عن ذو الإصبع العدواني
– “يا بني إن أباك قد فني و هو حي و عاش حتى سئم العيش و إني موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته فاحفظ عني : ألن جانبك لقومك يحبوك و تواضع لهم يرفعوك و ابسط لهم وجهك يطيعوك و لا تستأثر عليهم بشيء يسودوك ، و أكرم صغارهم كما تكرم كبارهم يكرمك كبارهم و يكبر على مودتك صغارهم ، و اسمح بمالك و احم حريمك و أعزز جارك و أعن من استعان بك و أكرم ضيفك ، و أسرع النهضة في الصريخ فوالله إن لك أجلا لا يعدوك و صن وجهك عن مسألة أحد شيئا فبذلك يتم سؤددك ” .