كل هذه المواد في هذا الكون الشاسع بمختلف أنواعها وحالتها، هي عبارة عن ثلاث أشكال وهي العناصر والمخاليط والمركبات، وتتكون كل هذه الأشكال من جسيمات وهذه الجسيمات هي جزئيات وذرات وأيونات، فهذه الجسيمات ترتبط مع بعضها البعض عن طريق قوى متفاوتة القوة، ولهذا تجد ترابط بعض المواد قوي للغاية ليكون لنا المواد الصلبة والأقل ضعفاً تكون لنا المواد السائلة ثم المواد الغازية، ومن أشهر قوى التجاذب هي قوى التشتت وقوى ثنائية القطب، دعونا نقارن بينهم.
قوى التشتت
تعرف باسم قوي لندن التشتتية أو قوى التشتت فاندرفالز، وهي عبارة عن ارتباط بين الجزيئات الغير قطبية مع بعضها البعض، وهي جزء من قوى تجاذب تسمى قوى فان دير فالس، وتم تسميتها من قبل عالم الفيزياء الأمريكي الألماني فريتز لندن.
هى عبارة عن قوى جذب بين الجزيئات ولكنها ضعيفة وناشئة من الكم الذي ينتج من استقطاب لحظي متعدد الأقطاب بين جزيئات المادة، وبالتالي تعمل قوى التشتت اللندني بين الجزيئات بشكل مؤقت متعددة الأقطاب أي بصورة لحظية، ويتم عرض قوي لندن التشتتية عن طريق الجزيئات الغير قطبية بسبب حركات الإلكترونات المترابطة في تفاعل الجزيئات.
ولقد بدأ الأمر عندما وجد العلماء أن الغازات النادرة مثل غاز الهيليوم هي ذرات غير متحدة، والجزئيات غير القطبية أو المتعادلة كهربياً، مثل الجزيئات الآتية (O2 N2 C2H4 CCl4 C6H6)، هذه الجزيئات من الممكن أن يتم تحويلها من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة إذا قمنا بخفض درجة حرارتها.
هذا دليل على أن هناك قوى تجاذب تحدث بينها حتى يتم تحويلها من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة التي يكون فيها قوى التجاذب بين الجزيئات والذرات أقوى، ولقد تم تسمية هذا التجاذب بقوى لندن نسبة إلى العالم الفيزيائي الألماني (Fritz London)، لأنه هو صاحب الفضل في تفسر هذا النوع من التجاذب سنة 1928.
قوى ثنائية القطب
هذه القوى تنشأ بين الجزيئات القطبية، مثل كلوريد الهيدروجين (HCl)، كلوريد الیود (ICl)، الكلوروفورم (CH3Cl)، ثنائي كلوريد المیثان (CH2Cl2)، فهذه الجزيئات تنظم نفسها بطريقة ما بحيث يقترب القطب الموجب في الجزيء بالقطب السالب في الجزيء الثاني، والنهايات المختلفة في كل قطب تأخذ أوضاع متقابلة مما يجعلها تتجاوب وتتحد، حيث أن أهم العوامل التي تؤثر على قوى التجاذب في الجزيئات ثنائية الأقطاب هي الطريقة التي توجهت بها هذه الأقطاب.
الجزيئات التي تحتوي على قطبين سالب وموجب تميل إلى ترتيب نفسها، فالشحنة الموجبة في الجزيء تكون موجهة ناحية الشحنة السالبة من الجزيء الآخر، وبما أن الجزيئات دائماً ما تكون في حركة دائمة وصدامات مستمرة مع بعضها البعض، فإن هذا الوصف لعملية التجاذب هو وصف بعيد عن الكمال، وخصوصاً في الغازات والسوائل، ومع هذا يرجح التجاذب فيما بين الأقطاب المشحونة بشحنات معاكسة للجزيئات الثنائية عن التجاذب بين الأقطاب المتنافرة بين الأقطاب المتماثلة في الشحنة، وبهذا يتكون تجاذب إجمالي صافي.
وإذا نظرنا إلى أوضاع الجزيئات ثنائية القطب في الحالتين السائلة والصلبة، فإننا نجد الآتي:
-في الحالة الصلبة: يتم التجاذب إذا كانت قوى الجذب كبيرة للغاية.
-في الحالة السائلة: بسبب قدرة الجزيئات في حالة المادة السائلة على الحركة بشكل مستمر فإن حدث هذا يجب أن تتخذ الأقطاب أوضاع معينة حيث تأخذ أوضاع متجاذبة مرة وأوضاع متنافرة مرة أخرى.
ولكن وجد في النهاية أن حدوث تجاذب بين الأقطاب يكون أعلي من التنافر بينهم، ولقد وجد أن هذا يتناسب بشكل طردي مع مربع العزم القطبي، وبشكل عكسي مع القوة السادسة للمسافة التي تفصل بين مركزين القطبين.