إلياس أبو شبكة هو شاعر لبناني من ضيعة الزوق في كسروان بدولة لبنان، ولد عام 1903، وتوفي عام 1947، وقد كان أحد مؤسسي ” عصبة العشرة “، وهم مجموعة من الكتاب والأدباء اللبنانيين، الذين قاموا بمحاربة الأدب القديم والبالي .
الشاعر اللبناني إلياس أبو شبكة
ولد الشاعر اللبناني إلياس أبو شبكة في بورفيدانس بالولايات المتحدة الأمريكية، وعاد إلى لبنان وهو لم يتجاوز السنة بعد، وقد ارتاد عدد من المدارس، وعمل في التدريس وكتابة المقالات والترجمة، وأصدر ديوان شهير بعنوان ” أفاعي الفردوس “، عام 1938، وهو ديوان أحدث ضجة كبيرة في المجتمع الثقافي العربي .
قصائد إلياس أبو شبكة
1- قصيدة أَذكُره وَكَيفَ لا أَذكُرُ
أَذكُره وَكَيفَ لا أَذكُرُ لُبنانُ فيهِ المَسكُ وَالعَنبَرُ
هَواؤُهُ الطَيِّبُ روحُ الصِبا وَماؤُهُ أَكدرهُ كَوثَرُ
أَشجارُهُ ذاهِبَةٌ في الفَضا يَروعُ مِنها ذلِكَ المَنظَرُ
كَأَنَّها المَرّاد قامَت عَلى آكامِهِ ساهِرَةً تَخفرُ
نَبعُ الصفا يقطُر مِن صَدرِهِ وَالرَوضُ سَكرانُ فَلا يَشعُر
كَأَنَّما أَمواهُهُ خَمرَةٌ مُذ يَستَقيها رَوضُهُ يسكُر
وَزُحلَةٌ شَوقي إِلى زحلَةٍ كَأَنَّها في حُسنِها جُؤذَرُ
حَوراءُ وَالعشّاقُ ترتادُها وَكُلُّ مَن يَعشَقها أَحوَرُ
كَم قَد تَبارى الشِعرُ في وَصفِها وَكُلُّنا في وَصفِها قَصَّرُ
سَماؤُها وَحيٌ وَأَزهارُها شعرٌ وَبردونيُّها أَسطُرُ
كَم أَنجَبتُ من شاعِرٍ نابِغٍ إِذا اِنبَرى في مَوقِفٍ يسحرُ
كَأَنَّما هاروتُ في شِعرِهِ بِالرُغمِ عَن إِخفائِهِ يَظهَرُ
وَالأَرزُ شَدَّ الخُلدُ أَعصابَهُ فَكُلُّ طودٍ عِندَه يصغُر .
2- قصيدة في ذِمَّةِ الماضي اِنطَوَت
في ذِمَّةِ الماضي اِنطَوَت ساعاتُ أَحلامي العِذاب
أَيّامَ لا هَمٌّ سِوى هَمِّ المعلِّمِ وَالكِتاب
أَيّامَ كانَ أَبي الشَبابَ وَكنتُ نوراً لِلشَّباب
أَيّامَ حُلمي لَم يَكُن إِلّا شُعاعاً من شِهاب
إِن أُنسَ لا أَنسَ الهِضابَ وَما عَلى تِلكَ الهِضاب
وَالشَمسُ توشِكُ أَن تَغيبَ وَيعلنَ الجَرسُ الغِياب
وَأَبي عَلى صَخرٍ يُحَدِّقُ في عَشِيَّةِ صيفِ آب
فيما تُراهُ كانَ يفكُرُ وَهو يَنظُرُ في الضَباب
لَم أَنسَ أَترابي الأولى كانوا وَكنتُ لَهُم مداما
إِن جِئتُهُم مُتَبَسِّماً أَلقَ اِرتِياحاً وَاِبتِساما
وَإِذا غَضبتُ تشاوَروا فيما يُعيدُ ليَ السَلاما
عَبث الشَبابُ بِهِم فَغَيَّرَ خُلقَهُم عاماً فَعاما
إِن الشَباب ملاعِبُ الأَيّامِ فَاِحذَر أَن تُضاما
في ذِمَّةِ القَصيّ حُشاشَةٌ ذابَت هِياما
خَفَّت إِلَيها في التُرا بِ يَتيمَةٌ بَينَ اليَتامى
هيَ نَفسيَ الثَكلى وَقَد صَلّى العَذابُ لَها وَصاما
أُمي وَقد وَجَدَ الضَنى في مُقلَتَيها مُدخَلة
تَرثي الحَياةَ كَأَنَّها مِن نِصفِ شَهرٍ أَرمَلَه
كَم مَرَّةٍ نَظَرَت إِلَيَّ فَتَمتَمَت ما أَجمَلَه
لَو كُنتُ أَقرَأُ من خِلالِ عُيونِهِ مُستَقبَلَه
أَنا في سَبيلِ لا أَكادُ اليَومَ أُدرِكُ أَوَّلَه
يا أُمِ رِفقاً وَاِصبِري لا بُدَّ لي أَن أُكمِلَه
أَنجَزتُ مَرحَلَةَ الشَقا وَعَلَيَّ أَيضاً مَرحَلَه
حَملَ المَسيحُ صَليبَهُ حَتّى أَعالي الجَلجَلَة .
3- قصيدة كَعابٌ أَتَت في الحُسنِ فَخرَ الكَواعِبِ
كَعابٌ أَتَت في الحُسنِ فَخرَ الكَواعِبِ لبانَتُها نيطَت بِحَدِّ القَواضبِ
لَها كَوكَبٌ في كُلِّ عينٍ منوِّرٌ يُفاخِرُ بِالأَنوارِ كلّ الكَواكِبِ
لِماذا وَلم تَطلب سِوى الحَقِّ رائِداً تحفُّ بِها الأَضدادُ من كُلّ جانِبِ
رَغِبتُ إِلى الأَقوامِ أَن يَحتفوا بِها فَلَم تَنزلِ الأَقوامَ عِندَ رَغائِبي
إِذا اِبتَسَمت فَاللُؤلُؤُ الصِرفُ ثغرها وَإِمّا بَكَت فَالماسُ تَحتَ الحَواجِبِ
وَفي طرف الأَجفانِ سُلَّت مَضارِبٌ تَقوم عَلى أَحداقِها كَالمَضارِب
لَقَد وَصمتها زمرَة الجَهل بِالريا وَأَلوَت عَلى أَفعالها بِالمَثالِبِ
وَما زُمرَةُ الجَهّالِ إِلا غَياهبٌ سَيخرقُ نورُ الفَجرِ لَيلَ الغَياهِبِ
بصرتُ بِها وَالدَمعُ فَوق خدودِها وَما دَمعُها إِلا رموزُ المَصائِبِ
وَقد حَمَلت من شِدَّة الحزن رَأسها وَأَلقَت سوادَ الثَغرِ فوقَ التَرائِبِ
فَقُلتُ لها خلّي الهُمومَ فَإِنَّها لناحيَة المَغلوبِ لا لِلغَوالِب
فَلَيسَ نَصيرُ الظُلم إلا معاقِباً سَيَلقى من الأَيّام شرّ العَواقِبِ
أَلَستِ اِبنَةَ البستيل يَوم خربَتِهِ وَشيّدتِ برجَ العَدلِ فَوقَ الخَرائِبِ
وَحَكَّمتِ سَيفَ الحَقِّ في عُنقِ الريا فَسالَت دِماءُ الجورِ من كُلِّ خائِبِ
أَما أَنتِ من رَاس الوُجودِ دماغه تَجيئينَ أَبناءَ الوَرى بِالعَجائِبِ .
4- قصيدة حينَ أَقبَلتِ وَالهَوى فيكِ يَحبو
حينَ أَقبَلتِ وَالهَوى فيكِ يَحبو كانَ حُبّي يَفنى وَناريَ تَخبو
قُلتِ لي بي أَسى فَهَل مِنكَ نُصحٌ وَبِنَفسي داءٌ فَهَل مِنكَ طِبُّ
جِئتِ تَستَوصِفينَني في شُؤونٍ ما بِها لي يَدٌ وَلا لَكِ ذَنبُ
قُلتِ إِن كانَ لِلشَّرائِعِ رَبٌّ مُستَبِدُّ أَلَيسَ لِلقَلبِ رَبُّ
قُلتُ هذا بَيني وَبَينَكِ حَقٌّ إِنَّما لِلوَرى فُروضٌ وَكُتبُ
القَوانينُ سَنَّها العَقلُ في النّاسِ فَبَينَ الضَميرِ وَالعَقلِ حَربُ
إِن بَينَ السَماءِ وَالأَرضِ حرباً قُلتِ حَتّى يَصيرَ لِلنّاسِ قَلبُ
وَمَضَت أَشهُرٌ وَتِلكَ الأَحاديثُ يَدُبُّ الهَوى بِها وَيَرُبُّ
قُلتِ لي مَرَّةً أَتَفهَمُ قَلبي قُلتُ يا سِتِّ قلتِ لَيلى أَحَبُّ
قُلتُ يا لَيلَ كَم خَبِرتُ قُلوباً فَبِنَفسي مِن ذلِكَ الخُبرِ حَسبُ
غَيرَ أَنّي أَرى بِعَينَيكِ ما لَم تَرَهُ مُقلَةٌ وَيَلمِسهُ لبُّ .