تعاني كل من الدول النامية والمتقدمة على حد سواء من مشكلة الحوادث المرورية التي تعد مشكلة معقدة ومتفاقمة ، حيث ينجم عنها الكثير من الآثار والنتائج وتتضاعف خطورتها بمرور الوقت ، على الرغم من الجهود المبذولة لوضع حد لهذه المشكلة نظرا للتغير الكامل الذي تشهده جميع الدول في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية ، بما تشمله من تغيرات تؤدي إلى زيادة الحركة والانتقال على الطرق العامة .
حوادث المرور في هذا العصر
يقول الدكتور راضي عبد المعطي السيد في كتابه (الآثار الاقتصادية لحوادث المرور) : تعد الحوادث المرورية وما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية من أهم المشكلات التي تواجه المجتمعات، نظراً لحجم هذه الخسائر وتأثيرها السلبي في التنمية.
كما أننا إذا تأملنا الإحصاءات الرسمية التي تصدر عن الجهات المعنية بالمشكلة في معظم الدول ، فسنلاحظ أرقاماً هائلة ومخيفة من الحوادث المميتة التي تؤدي في معظمها بحياة الشباب أو تعوقهم في نهاية المطاف .
بالإضافة إلى ذلك فإن الحوادث المرورية التي تترك إصابات وإعاقات تحدث خللاً أسرياً واجتماعياً ونفسياً كبيراً.
فتعد مشكلة الحوادث المرورية من أبرز المشاكل التي تواجهها معظم الدول نتيجة الزيادة المطردة في عدد الحوادث والإصابات والوفيات الناتجة عنها.
وعلى الرغم أن السيارة هي أهم الأدوات الرئيسة في حركة المرور، ورغم ما تحققه للبشرية من منافع عديدة وفوائد متنوعة، إلا أن لديها آثاراً سلبية سواء على الصحة العامة أو في مجال الطاقات المستنزفة وهو ما ينعكس بأثر سلبي على التنمية.
ولقد كشفت الإحصاءات العالمية الحديثة أن هناك ما يقدر بأكثر من مليون و200 ألف شخص يموتون سنوياً في العالم ويصاب من عشرة إلى خمسة عشر مليون شخص نتيجة لحوادث المرور، وغالباً ما تترك هذه الحوادث نسبة من الإصابات الجسيمة والمؤدية إلى إعاقات مختلفة ، ويقال أن ضحايا حوادث المرور يشغلون على الأقل (10%) من مجموع أسرة المستشفيات في العالم.
وفي دول العالم النامي ، ومنها الدول العربية تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن حوادث المرور تقف سبباً رئيساً للوفيات، بل إنها تنافس أسباب الوفاة الرئيسية الأخرى مثل أمراض القلب والسرطان.
وقد أظهرت الدراسات المتخصصة أن معدلات الوفيات لكل عشرة آلاف مركبة مسجلة في الدول النامية تعادل عشرين ضعفاً لتلك المسجلة في الدول الأوروبية ودول أمريكا الشمالية.
كما سجلت معدلات الحوادث المرورية انخفاضاً خلال العقدين الماضيين في الدول الصناعية ، بينما لا تزال هذه المعدلات تتصاعد في الدول النامية ، ما دعا منظمة الصحة العالمية إلى أن تسمي هذه المشكلة بأنها مرض العصر، ولقد نجحت الدول الصناعية في مواجهة مرض العصر( حوادث المرور) وذلك من خلال جهود ضخمة بذلتها تلك الدول منذ نهاية الستينات الميلادية.
تعتبر حوادث المرور بما يترتب عليها من خسائر بشرية واقتصادية من أبرز المشاكل التي تواجه تطور المجتمعات المعاصرة وتقف حجر عثرة في نمائها.
ويبدو ذلك بشكل واضح وملموس في الدول النامية حيث أكدت منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي أن حوادث الطرق هي السبب الثاني للوفاة بين سكان العالم خاصة في المرحلة العمرية من خمس سنوات إلى تسعة وعشرين عاماً، كما أنها السبب الثالث الرئيس للوفاة بين سكان العالم في المرحلة العمرية من 30-44 عاما.
خطوات الحد من الحوادث المرورية
أولاً : يجب الاهتمام بالدراسات والأبحاث العلمية في مجال حوادث المرور وضرورة الاستفادة من الأبحاث والدراسات التي تقوم بها الجامعات لمعالجة المشكلات الأمنية المختلفة.
ثانياً : الحرص على تفعيل دور الإعلام الأمني لتنمية المسؤولية الاجتماعية لكل أفراد ومؤسسات المجتمع بدءاً من المساجد والأسرة والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام وأهل الفكر فالجميع مطالب بأن يقوم بالدور المطلوب.
ثالثاً : ضرورة التوسع في استخدام أحدث التقنيات للسيطرة على حركة المرور والإلمام ما توصلت إليه الدول المتقدمة.
رابعاً : ضرورة الأخذ بالمعايير الهندسية لتحسين مستوى سلامة الطرق وتقليل الازدحام المروري.
خامساً : القيام بدراسة وقياس مستوى التحسن في السلامة المرورية باستخدام المؤشرات الدولية.