لقد أرسل الله سبحانه وتعالى رسله وأنبياؤه برسالات تحث الناس علي مكارم الأخلاق وكان أخر الأنبياء سيدنا محمد ( عليه أفضل الصلاة والسلام) وقد قال “إنَّما بُعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق” وهناك الكثير من الآيات التي أمتدح الله سبحانه وتعالى سيدنا محمد فقال (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم) [سورة القلم] فكانت أخلاقه القرآن وكان يحمل من الصفات الحميدة التي يجب أن نتحلى بها جميعا، ولكن في هذه الأيام لم تعد مكارم الأخلاق كما كانت في الأزمنة السابقة، وسنوضح هنا مكارم الأخلاق التي يجب أن تسود بين الناس.
الأمانة صفة من مكارم الأخلاق
كان يوجد شاب في العشرين من عمره خرج ليتجول بين المزارع والحدائق، ووجد في طريقة حديقة بها من خيرات الله من الفواكه الناضجة، تتدلى على أشجارها ورائحتها الذكية العطرة تملئ المكان، وتجذب إليها كل من يمر بجوار الحديقة، ولكن هذا الشاب سار بجوارها ولم يدخل إليها، وكان هذا الشاب جائعا فأكل من ثمار الفاكهة الرديئة الساقطة بجوار أسوار الحديقة، فرآه رجل كان يرقبه من بعيد فنادي عليه، وقال
أيها الشاب. لقد مررت بالحديقة الغناء الجميلة، التي بها ثمار الفاكهة الناضجة، وباب الحديقة مفتوحا، ولا يوجد أحد بداخلها، فلماذا لم تدخل وتأكل ما تشتهي بدلا من الفاكهة العطبة الرديئة الموجودة بجوار سور الحديقة
فرد عليه الشاب بعد إن كان منزعجا وخائفا أن يكون عمل خطأ من أكله الثمار الموجودة بالأرض، وقال للرجل.
أنا لا أستطيع أن أتناول شيء لا أمتلكه، ولا أدخل هذه الحديقة، فهذه أمانة، وديننا الإسلامي حثنا على حفظ الأمانة وعدم أكل الحرام.
فتعجب الرجل من هذا الشاب الأمين وطلب منه أن يأتي كل يوم يأكل ما يشتهي فهو صاحب هذه الحديقة، وطلب منه أن يعمل معه في الحديقة وسوف يعطيه مقابل يرضيه مكافأة منه لأمانته
ففرح الشاب جدا فهو كان يبحث عن عمل، وشكر الرجل.
وكانت هذه قصة الشاب الأمين، الذي تخلق بخلق رسول الله التي كانت من سماته وكان يعرف رسول الله بالأمين.
الصدق من مكارم الأخلاق
كان يوجد في إحدى القرى في الزمن القديم طفل يقال له سامي يعيش مع والدته في بيت صغير وقد توفى والده وهو طفل صغير مازال في عمر الرضاعة، وكانت والدة سامي تهتم بابنها، بالمأكل والملبس والمشرب، ولم يكن الاهتمام مقتصرًا على هذا فقط، بل كانت تهتم بأن يتربى طفلها على مكارم الأخلاق ويتحلى بالصدق والأمانة والتواضع ، ليكون طفل سوي السلوك وينشأ ويصبح رجلا ويستطيع أن يواجه ما يقابله في الحياة، وكي تساعده هذه الأخلاق على تمتعه بحب الله وحب الناس ويترك أثرا طيبا في المجتمع الذي يعيش في.
وكان لسامي عم يخرج في القوافل للتجارة، فطلبت منه أم سامي أن يأخذه معه ليتعلم أمور التجارة فوافق وفي إحدى المرات وهم في الطريق مع القافلة خرجت عليهم مجموعة من قطاع الطرق الذين يحملون السلاح، وحاصروا القافلة، واستولوا على كل ما حملوه من أمتعه وأموال، ولم يكتفوا بذلك بل أخذوا يسألون كل فرد من القافلة على ما يحملوه معهم من أمتعة خاصة وما يحملون بجيوبهم من أموال، وحين وصل أحد أفراد عصابة قطع الطريق إلى الطفل سامي سأله هل تحمل شيء من المال في جيبك، فأجابه بأنه يحمل في جيبه ثلاثين دينارًا، وسخر منه الرجل وتركه، وجاء أخر وسأله نفس السؤال وكان نفس الرد، فأخذوا سامي إلى رئيسهم زعيم عصابة قطع الطريق وسأله عن ما يحمل في جيبه فأجابه بأنه يملك ثلاثين دينارًا فقط،
فتعجب الرجل من هذا الطفل الذي يقول الصدق دائما، وسأله عن سبب صدقه، وعدم تهربه من الإجابة الصحيحة كي يحافظ على ما معه من أموال، فأجابه بأنه قد عاهد والدته أن لا يكذب في القول أبدا، وأنه لن يخون عهده مع والدته مهما كان السبب، وهنا أندهش زعيم العصابة من هذا الطفل الصغير، وتذكر نفسه وهو بسطوه على القافلة خان عهده مع الله، وعندها لم يتمالك نفسه من البكاء متأثر بما قاله سامي له، وقال لسامي أنك لم تخن عهدك مع والدتك وأنا لن أخون عهد الله، فأمر برد جميع أموال القافلة وأمتعتهم، وإطلاق سراحهم جميعا، وتاب زعيم العصابة عن قطع طريق الناس وكان صدق سامي وقوله الحقيقة ووفائه بعهده لوالدته،
فهذه قصة قصيرة عن الصدق الذي هو من أهم مكارم الأخلاق ويتعلم منها الإنسان الكثير.