على الرغم من تلك التحديات القوية الدرجة ، و التي تواجه الأمن الغذائي العالمي بشكل عام متمثلة في ندرة الموارد المائية ، و نقص مساحة الأراضي الزراعية إلى جانب غياب خطط الاستزراع السمكي في الغالب في عدداً من الدول فإن سلطنة عمان قد استطاعت أن تصنع لنفسها هذه المنظومة الغذائية الجيدة ، و المتكاملة محرزة بذلك تقدم ملحوظ في مجال تحقيق الأمن الغذائي .
و لعل تأسيس السلطنة لشركة المطاحن العمانية ، و التي كانت بمثابة البصمة الأبرز للتجربة العمانية في حقل الأمن الغذائي ، و التي كانت بدايتها في الفترة الزمنية الخاصة بالسبيعنيات من القرن الماضي ، و ما تبعها من جهود حكومية من جانب السلطنة للقيام بتعزيز الاستثمارات في مجال الأمن الغذائي لتكون صاحبة دور رائد فيها .
و جاءت خطوات الحكومة العمانية في القيام بتعزيز تلك الأواصر الخاصة بالتعاون مع عدداً من الشركات الخاصة العاملة في مجال الأمن الغذائي ، و التي ظهرت أيضاً من خلال تأسيس شركتي المطاحن العمانية ، صلالة في فترة الثماينينات من القرن الماضي هذا بالعلاوة إلى قيام السلطنة بإنشاء شركة الأسماك العمانية .
كما احتلت السلطنة المرتبة الثانية عربياً ، و خليجياً ، و المرتبة السادسة ، و العشرين عالمياً ، و ذلك جاء طبقاً لتقرير المؤشر العالمي للأمن الغذائي في خلال عام 2016م ، و الصادر عن مجلة ايكونومست البريطانية الشهيرة ، و الذي تصدره بشكل سنوي فيما بين ما عدده 113 دولة شملها التصنيف إذ حصلت السلطنة فيه على 73.6 نقطة من 100 .
دور القطاع السمكي في تحقيق الأمن الغذائي بالسلطنة :- تعد السلطنة ، و طبقاً لموقعها الجغرافي من إحدى الدول المعرضة لمجموعة التأثيرات السلبية المحتملة بفعل التغيرات المناخية ، و خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار ارتفاع درجات الحرارة بها بالعلاوة إلى الجفاف ، و التصحر مع ارتفاع أو انخفاض معدلات سقوط الأمطار عليها .
مما دفع الحكومة العمانية ، و بشكلاً قوياً إلى القيام بتخصيص محوراً رئيسياً ضمن استراتيجية اطلقت عليها الزراعة المستدامة ، و التنمية الريفية حتى عام 2040م ، و تدور تلك الرؤية أو الاستراتيجية في الأصل حول مجموعة التغيرات المناخية ، و مدى تأثيرها على إنتاجية الغذاء بالسلطنة ، و ذلك بهدف العمل على الموائمة ، و التفاعل الجيد مع هذه التغيرات .
هذا بالإضافة إلى اهتمام السلطنة القوي الدرجة بالقطاع السمكي ، و الذي تكمن أهميته الكبيرة في توفيره للعديد من العملات الأجنبية من خلال تصدير الأسماك العمانية إلى عدداً من الأسواق العالمية ، و جدير بالذكر أنه يتم تصدير ما نسبته حوالي 50% من الإنتاج السمكي العماني إلى الخارج .
و هذا ما أكد مدير دائرة التنمية الاستزراع السمكي في وزارة الزراعة والثروة السمكية العمانية ، و ذلك في تصريحاً تضمنه تقرير جزيدة الشبيبة العمانية في وقت سابق إن السلطنة تدرك أهمية ، و ضرورة عملية الاستزراع السمكي كجزءاً رئيسياً من منظومة الأمن الغذائي بها كما أوضح المصدر أيضاً أن الوزراة قد قامت بتنفيذ مشروعاً تنموياً في خلال عام 2012م من أجل تطوير قطاع الاستزراع السمكي التكاملي بالسلطنة عن طريق صندوق التنمية الزراعية ، و السمكية العماني .
مشيراً إلى دعم الصندوق أيضاً لما عدده 10 مشاريع خاصة بالاستزراع السمكي التكاملي للمواطنين إذ يصف المصدر النتائج الخاصة بهدف المشروعات بالممتازة مؤكداً على ارتفاع إنتاجية الأسماك مثال سمك البلطي من 3 أطنان في خلال عام 2013م إلى ما عدده 5 أطنان في خلال عام 2014 م وصولاً إلى ما كميته 6 أضعاف الكمية في خلال عام 2016م مما دفع إلى تعميم التجربة على مستوى أنحاء السلطنة .
أما بالنسبة لتقرير البنك الدولي ، و الذي قد أشاد بتلك الخطوات العمانية في مجال القطاع السمكي ، و أثنى عليها مؤكداً أن عملية الاستزراع السمكي بالسلطنة ستكون ذات مستقبل كبير ، وواعد ، و بحسب استراتيجية تطوير الاستزراع السمكي بالسلطنة فإنه من المتوقع أن تقوم السلطنة بإنتاج ما هو أكثر من 200 ألف طن من الأسماك في خلال عام 2030م ، و من هنا أتت أهمية ، و دور القطاع السمكي الكبيرة في تحقيق الأمن الغذائي بالسلطنة .