تتعدد نظم الاقتصاد والسياسات المالية والنقدية وسبل تحقيق الدخل القومي وتنسيق الموازنة العامة داخل أي دولة، ومن ضمن تلك السياسات الاقتصادية الشائعة ما يسمى بالإقتصاد الاريعي، وهو ما سنوضحه وخصائصه فيما يلي.
المقصود بالاقتصاد الريعي
الاقتصاد الريعي أو الدولة الريعية التي تسير وفق هذا الأسلوب من الإقتصاد عبارة عن مصطلح في العلوم السياسية والعلاقات الدولية يشير إلى الطريقة التي تتبعها دولة ما بحيث تستمد كل أو جزء كبير من إيراداتها الوطنية عن طريق تأجير الموارد المحلية الخاصة بها إلى عملاء خارجيين يديرونها، وهو مصطلح تم استخدامه منذ القرن العشرين للإشارة إلى الدول الغنية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز.
وليس هكذا فحسب، فإن الاقتصاد الريعي كذلك يمكن أن يتم إطلاقه على الدول الغنية بالأدوات المالية مثل العملة الاحتياطية، وكذلك يمكن إطلاقه على تلك الدول التي تعتمد على الموارد الاستراتيجية، مثل القواعد العسكرية.
تعريف آخر
هو مصطلح يتم إطلاقه على السياسة المالية للدولة التي تعتمد اعتمادا بشكل كبير على مصدر واحد للدخل، وهذا المصدر غالبا ما يكون مصدرا طبيعيا ليس بحاجة إلى آليات إنتاج معقدة سواء كانت فكرية أو مادية كمياه الأمطار والنفط والغاز؛ والطبيعي أن السلطات الحاكمة في البلاد تستحوذ على هذا المصدر وتحتكر مشروعية امتلاكه وتوزيعه وبيعه دون غيرها من المؤسسات الخاصة حتى وإن كانت هي من اكتشفته.
خصائص الاقتصاد الريعي
1- حالات الريع سائدة: وهذه الخاصية تشير إلا أن الدولة تعتمد اعتمادا مبالغا فيه على تأجير ممتلكاتها أو الاعتماد على مصدر واحد للدخل، حتى أصبحت ظاهرة منتشرة داخل معظم الوزارات والهيئات الحكومية التي تؤجر ممتلكاتها للغير من أجل إدارتها.
2- ضعف المنتجين المحليين: نلك الدول التي تعتمد في اقتصادها على الريع وعلى تأجير مقدراتها وثرواتها وصلاحية إدارتها للخارج، فإن مؤسساتها المحلية في الغالب تكون ضعيفة للغاية وعاجزة عن تدشين وإدارة وتشغيلا مثل تلك المقدرات، ليس لفشل الشعوب النامية الريعية، لكنه بسبب إهمال الدولة وعدم سعيها لتطوير وتحسين قدرات ومهارات العمالة المحلية والتصنيع القومي بها.
3- نسبة صغيرة من السكان تشارك في توليد الريع: لا شك أن أية دولة تعتمد اعتمادا كبيرا على الخارج ليدير لها مشروعاتها ويستخرج لها ثرواتها ومقدراتها وينشئ ويدشن لها مشروعاتها القومية، لا تكون بحاجة لمشاركة قطاعات محلية، أو بمعنى أصح تكون في غفلة ولا توفر فرصا لدمج قدرات العاملين فيها؛ وبالتالي نجد أن نسبة صغيرة من السكان تشارك في توليد الريع أي الدخل القومي للبلاد.
4- الحكومة هي المستفيد الأول من الإيجار الخارجي: في الدول الريعية تكون الشعوب غالبا حانقة على سياسات دولتها، وتكون كذلك ناقمة على انتشار البطالة وعدم توافر فرص عمل للشباب، وهي مبررات واقعية جدا؛ إذ أن الشباب والشعب بالفعل لا يتمتع ولا يستفيد بنتائج تلك الاتفاقات مع الخارج، ووحدها الحكومة هي من تجني ثمار تأجيرها لتلك الثروات والمقدرات لكن الشعب لا يرى منها شيئا، وتلك لا تعد سرقة من الحكومة بالقدر الذي يعد تفريط في ممتلكات البلاد من المال العام وعدم استغلاله الإستغلال الأمثل.
مثال عام على الدول الريعية
من الدول الريعية المتواجدة حاليا، نجد تلك الدول النفطية المنتشرة حاليا في الشرق الأوسط لا سيما دول الخليج التي لجأ الكثير منها لاستئجار حقول نفطها لشركات أجنبية لتديرها مقابل نسب كبيرة لتلك الشركات، ومن أمثلة الدول الريعية المنتجة للنفط في الشرق الأوسط، نجد السعودية والإمارات العربية المتحدة والعراق وإيران والكويت وقطر، وكذلك هناك عدة دول في أمريكا اللاتينية وشمال أفريقيا مثل فنزويلا وليبيا، ولا شك أن النفط مطمع للكثير من الشركات الأجنبية التي تستغل فرص الاقتصادات الريعية لتجمع من وراءها ارباحا وفيرة.