تتمتع جميع الدول باقتصاديات مختلفة ما بين رأسمالية واشتراكية ومختلطة، إلا أن تلك الأنظمة لا تسير على وتيرة واحدة في الغالب، لكن كل نظام من الثلاثة قد تغرقه السلبيات كما في النظام الرأسمالي؛ حيث ينتشر ما يسمى بالمحاسيب.
المقصود برأسمالية المحاسيب
مصطلح رأسمالية المحاسيب هو عبارة يتم إطلاقها على الاقتصاد الرأسمالي الذي يعتمد فيه النجاح في الأعمال التجارية على العلاقات القوية بين القائمين على العمل التجاري والمسئولين الحكوميين، حيث أن هذا النظام يتسم بالمحسوبيات والمحاباة في العلاقات والمصالح التي تتطلب موافقات وتصاريح وترخيصات حكومية، وكذلك فيما يعلق بتوزيع التصاريح القانونية أو المنح الحكومية أو التخفيضات الضريبية الخاصة أو غيرها من أشكال تتطلب تدخل الدولة في توجيه الشئون الاقتصادية.
ويقول خبراء الإقتصاد أن رأسمالية المحاسيب تظهر بكثافة في الدول الراسمالية التي تختلط بها السياسة بالاقتصاد، ويسيطر فيها الساسة والنشطاء على مصالح وأعمال تجارية كبرى، وكذلك حين تؤثر الصداقات التي ترمي إلى خدمة المصالح الذاتية والعلاقات بين الأسر بين رجال الأعمال والحكومة على الاقتصاد والمجتمع.
رأسمالية المحاسيب في الواقع العملي
تظهر أزمة رأسمالية المحاسيب في الحياة العادية اليومية التي نعيشها عندما يحدث تواطؤ بين المشاركين في الأسواق، وعلى الرغم من أن هؤلاء الأطراف ربما ينافسون بعضهم بشكل بسيط، إلا أنهم في كثير من الأحيان ما يقومون بعمل جبهة موحدة على شكل اتحاد تجاري أو مجموعات تجارية صناعية، وهذه الجبهة تكون ضد الحكومة تطلب منها الدعم أو الإعانات أو فرض لوائح وقوانين معينة، وبينما صغار المستثمرين يجدون صعوبة في الحصول على القروض أو الحصول على مكان لهم في السوق أو الحصول على الموافقات الرسمية.
المحسوبية في القطاعات الاقتصادية
مصطلح رأسمالية المحاسيب يظهر بكثافة عندما تلجأ الحكومات لإنشاء مشروعات ما وتطلب مناقصات من شركات مقاولات أو مكاتب استشارية متخصصة للإشراف على الأمر، وحينها قد يسيطر على تلك المشاريع -رغم أنها حكومية- ثم يبدأ هؤلاء المحاسيب في استخدام المؤسسة او المشروع ضد مصلحة المنافسين، وهذه الظاهرة التي يطلق عليها اسم السيطرة التنظيمية، لها تاريخ طويل.
رأسمالية المحاسيب في الاقتصادات النامية
ينتشر ذلك النوع من الرأسمالية بشكل كثيف داخل الاقتصاديات النامية؛ حيث أن الحكومات في الغالب لا تكون عادلة بشكل كبير ويكون فيها الكثير من الفساد والمفسدين؛ حيث يمكن أن تميز الحكومات الفاسدة مجموعة واحدة من ملاك الشركات الذين يمتلكون روابط وثيقة مع الحكومة عن غيرهم، وهذا التمييز قد يتخذ عدة أشكال؛ حيث يمكن أن يتم ذلك من خلال التفضيل العنصري أو الديني أو العرقي.
وعلى سبيل المثال إذا نظرنا للوضع السوري فإننا سنجد للطائفة العلوية هناك حصة غير متناسبة للسلطة في الحكومة والأعمال هناك؛ حيث أن رئيس الدولة علوي ويفضل ذويه عن باقي أطياف الشعب، وهذا يمكن تفسيره بأن القادة الحكوميون والتجاريون عندنا يرغبون في تنفيذ أمور متنوعة، فإنهم بشكل طبيعي، يرجعون إلى الأشخاص الآخرين الذين يمتلكون السلطة لدعم مساعيهم وهؤلاء الأشخاص في الغالب يمثلون المحاور الأساسية في السلطة التنفيذية؛ وبالتالي تتركز السلطة الاقتصادية والسياسية في يد مجموعة صغيرة في الدول النامية.
وجهة النظر السياسية في رأسمالية المحاسيب
كانت العيوب المترتبة على رأسمالية المحاسيب فرصة بالغة للاشتراكيين وكل معارضي الأنظمة الراسمالية، حيث أكدوا على أن مآسي المحاسيب هي نتيجة لا مفر منها لأي نظام رأسمالي، وحيث إن الأعمال التجارية تؤدي إلى تحقيق الأموال والأموال تؤدي إلى السلطات السياسية، فإن الأعمال التجارية سوف تستخدم سلطاتها بما لا يدع مجالا للشك للتأثير على الحكومات، كما أن المشكلة تتفاقم إذا كانت الحكومات ذاتها بها مسؤولون لديهم مصالح خاصة يعينون أولئك المحاسيب برضاهم دون ضغط.