سمعنا كثيرا عن تعرض النساء و الفتيات للتحرش أو الاعتداء من طرف الشباب، و حتى أن بعض الأخبار عن سيدات تعرضن للتحريض على الفسق و الفجور المباشر أو التحرش عبر الهاتف و من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تنتشر أكثر و أكثر للأسف، لكن الغريب على المجتمع العربي إجمالا و المجتمع الكويتي خصوصا أن نرى فتاة تتحرش بشاب، و الشيء الذي لا يمكن تصديقه هو أن تكون هذه الفتاة التي تحرض على الفسق غير راشدة بل قاصر لم تبلغ السن القانوني، لذلك فإن إذا ما ثبتت إدانتها يكون ولي الأمر هو من يدفع الثمن نتيجة الأضرار.
كيف بدأت القصة ؟
بدأت أحداث هذه القضية التي انتهت بتغريم محكمة الاستئناف والد الفتاة ألفي دينار تعويضا للشاب المتحرش به، في الفترة ما بين شهر نوفمبر 2012 و إلى غاية مارس 2013 ، عندما قامت فتاة قاصر بالإساءة و التشهير بمواطن من خلال الهاتف، و استعملت صورته من غير علمه و من خلال تقنية الفوتوشوب وضعت له صورا مخلة بالآداب و أرفقتها بصورته و بياناته مما دفع الشاب إلى تسجيل قضية في حق هذه الفتاة بتهمة التحريض على الفسق و الفجور.
تمت إحالة القضية على النيابة العامة التي أحالتها بدورها على محكمة أول درجة، و التي حكمت في جلستها التي عقدتها في الأول من يونيو سنة 2015 بتغريم والد الفتاة مبلغ ألف دينار كتعويض مادي و نهائي عن الأضرار التي ألحقتها بالشاب، بالإضافة إلى مبلغ 100 دينار للأضرار المادية، و عللت المحكمة تغريم الأب بكونه المسؤول الشرعي و القانوني على تربية ابنته و رقابة ابنته القاصرة التي لم تبلغ سن الرشد بعد، مشيرة إلى أن التعويض الذي قررته جابر للأضرار المادية و الأدبية الثابتة.
طعن في الحكم من الطرفين
لكن حكم المحكمة من أول درجة لم برضي قناعة الطرفين فأقام كل طرف طعنا عليه، حيث اعتبر المجني عليه أن المبلغ المحدد في التعويض غير كافي لجبر الضرر الحاصل المادي و الأدبي خاصة بعد كل ما عاناه من جراء نشر صورته في المواقع، و تأثر عمله من أعذاره المتواصلة، و إنهاء كل أيام إجازته في الإجراءات، في حين طعن ولي الأمر على الحكم بدعوى انتهاء الوقت المقرر قانونا للاستئناف مما يسقط حق المجني عليه في الطعن.
الحكم النهائي
و بعد أن اطلعت هيئة القضاة في محكمة الاستئناف على الطعنين المقدمين من المجني عليه و ولي أمر الجانية، رفض طعن الأخير و قبل الأول، و تم عقد الجلسة في تاريخ 8 فبراير من السنة الجارية للنطق بالحكم. و جاء في قرارها و تفسيرها أنه بما أن الطرفين طعنا في حكم كحكمة أول درجة و بالنظر للاستئناف المقدم من المجني عليه و الذي طعن فيه ولي الأمر، قررت قبوله شكلا و رفضه موضوعا، و لان الغاية من التعويض هو جبر الضرر مكافئا بدون زيادة، و أن هذا التعويض يخص كل ما تعرض له المجني عليه من أذى نفسي و حسي بسبب التدخل في حياته و جسمه و حريته و عرضه و شرفه و سمعته و مركزه الاجتماعي، و بما أن الحكم السابق هو إدانة المتهمة جزئيا من طرف المحكمة أول درجة بسبب إساءتها عمدا باستخدام رسائل نصية هاتفية من خلال هاتفها النقال ألفاظا بذيئة و كلمات مخلة بالحياء و تهديد بخصوص الشرف و العرض، و هي مازالت قاصر.
و بعد النظر في أسباب قبول الطعن الذي قدمه المتضرر و رفضه من المتهمة بالتحريض، حكمت المحكمة برفع قيمة التعويض الذي أقٌرته محكمة أول درجة من 1000 دينار إلى 2000 دينار إضافة إلى المبلغ 100 دينار نظير أتعاب المحاماة، و هو التعويض الذي قرر بشكل نهائي في حق المجني عليه و غرم به الأب لكون الجانية فتاة قاصر و هو المسؤول عن سلوكياتها و تصرفاتها.