من ضمن المعجزات التي جاء بها القران الكريم هي معجزة الفصاحة والبيان اللغوي ؛ حيث أنه قد أتى بلسان عربي مُبين وإتقان متناهي للغة العربية ؛ وهذا ما جعل الكفار حينذاك في حيرة من أمرهم نظرًا لمدى إتقان وفصاحة القران الكريم ولا سيما أن رسول الله ـ صل الله عليه وسلم ـ كان أميّ لا يقرأ ولا يكتب ، ومن أهم القواعد اللغوية المُطبقة في القران الكريم هي قاعدة المفعول المطلق ؛ وقد تضمنت العديد من سور القران ومنها سورة المزمل أمثلة على المفعول المُطلق في أكثر من موضع .
المفعول المطلق
هناك ثلاثة حركات إعرابية في اللغة العربية تخص الأسماء منها ما هو مرفوع وما هو مجرور وما هو منصوب ، وفيما يخص الأسماء المنصوبة فهي تأخذ ما يقرب من 17 موضعًا ومن ضمنها المفعول المُطلق .
ويُمكننا تعريف المفعول المُطلق على أنه (اسم منصوب) يتم اشتقاقه من لفظة الفعل ، وهو يدل على أحداث غير مقترنة بالزمن ، ومن الأمثلة على ذلك ، عندما نقول ، أُوَقِّر المعلم توقيرًا كبيرًا ؛ فإن المفعول المُطلق هنا هو (توقيرًا) وإذا قرأت العبارة بتمعن سوف تجد أن هذا المفعول المطلق مُشتق من لفظ الفعل (أوقر) .
انواع المفعول المطلق
يوجد أكثر من نوع من المفعول المُطلق وهي تختلف وفقًا للغرض المُستخدمة لأجله على النحو التالي :
-توكيد الفعل : وهنا يكون المفعول المُطلق مذكورًا من أجل التأكيد للمستمع على حدوث الفعل ، مثال : سقط القط سقوطًا ، وهنا المفعول المُطلق سقوطًا جاء لتأكيد فعل السقوط ، ولا يجوز هنا الجمع أو التثنية .
-بيان النوع : وقد يكون المفعول المُطلق مذكور من أجل تحديد نوع الفعل الذي حدث ، مثال على ذلك : قاتل الجنود قتالَ الوحوش ، المفعول المُطلق هنا (قتالَ) جاء ليبين نوع هذا القتال وهو قتال كالوحوش ، ويجوز هنا تثنية أو جمع المفعول المُطلق .
-بيان العدد : وفي مواضع أخرى أيضًا قد يأتي المفعول المُطلق من أجل بيان العدد ، مثل : قفز قفزتين ، المفعول المُطلق هنا هو (قفزتين) وجاء ليبين عدد القفزات وهما اثنتين ، والتثنية والجمع هنا واجبة بشكل طبيعي .
امثلة المفعول المطلق من سورة المزمل
سورة المزمل هي إحدى السور التي نزلت في مكة المكرمة قبل الهجرة ، ويبلغ عدد ايات هذه السورة (20) اية ، وفي المصحف الشريف هي السورة رقم 73 وتقع تحديدًا في الجزء التاسع والعشرين ، وتضمنت الاية التوجيه الرباني للمسلمين بأهمية الحرص على قيام الليل ، وسبب تسمية سورة المزمل بهذا الاسم أنه إشارة إلى رسول الله ـ صلَّ الله عليه وسلم ـ عندما نزل عليه الوحي في غار حراء فرجع مرتجف إلى السيدة خديجة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها – وهو يقول : { زملوني ، زملوني } .
وقد جاء المفعول المُطلق في سورة المُزمل في أكثر من موضع على النحو التالي :
-يقول الله تبارك وتعالى في سورة المزمل : { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } [ اية : 4] ، المفعول المُطلق هنا : (ترتيلا) للتوكيد .
-وفي موضع اخر في السورة أيضًا يقول تعالى : { وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا } [ اية : 8] ، والمفعول المُطلق هنا : (تبتيلا) للتوكيد .
-ويقول تعالى : { واصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا } [اية : 10] ، المفعول المطلق : (هجرًا) لبيان النوع .
-وفي موضع اخر يقول تبارك وتعالى : { فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا } [اية : 16] ، المفعول الُمطلق هو : (أخذًا) لبيان النوع .
-ويقول جل وعلا في الاية الأخيرة من سورة المزمل : { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } [اية : 20] ، المفعول المُطلق هنا هو : (قرضًا) لبيان النوع .