تختلف اللغة العربية عن باقي اللغات الأخرى فيما تحتويه من ألوان بيانية وبلاغية غاية في الإبداع تُساعد على جعل النصوص والعبارات ذات معاني عميقة من خلال كلمات بسيطة ، ومن أشهر الألوان البيانية هي الكناية والتي تنقسم إلى أكثر من نوع وقد ورد امثلة كثيرة عن الكناية في القران الكريم وفي القصائد الشعرية وغيرهم .
تعريف الكناية
يُمكننا تعريف معنى الكناية بشكل عام على أنها كلمة واحدة تحمل معنيين في نفس الوقت ، وبها يكون المعنى الأول الظاهر في الكلام غير مقصود ، ويكون المعنى الثاني الذي يظهر من مغزى الكلام هو المقصود ، وبمعنى اخر ؛ فإن الكناية هي عبارة عن كلمة أو جملة ترمز إلى شيء ما بطريقة مباشرة وتخفي شيء اخر ومع ذلك يكون المعنى الاخر المخفي هو المقصود ، وتُعد الكناية هي أكثر الأساليب البلاغية التي اعتمد عليها جميع الشعراء في نظم قصائدهم ودواوينهم الشعرية .
أنواع الكناية
تنقسم الكناية بشكل أساسي إلى ثلاثة أنواع رئيسة ، هي :
الكناية عن صفة
وبها يكون المغزى الأساسي المقصود من الحديث هو أحد الصفات ولكن لا يتم التلفظ بها ، حيث يتم ذكر الاسم الموصوف مُقرونًا بصفة أخرى ، ومع ذلك يكون المقصود من الكلام صفة أخرى ، ويتم فهمها من سياق الكلام ، ومثال على ذلك : أرفع القبعة إلى مُعلمي ، وهنا يكون المعنى الملفوظ والظاهر هو رفع القبعة ، والمعنى الآخر الخفي هو احترام وتوقير المُعلم .
الكناية عن نسبة
وهنا تكون الكلمة أو العبارة ترمز إلى الموصوف وإحدى صفاته ولكنها لا تُشير إليه بشكل مُباشر ؛ بل يُشار إليه بجزء فقط منه أو شيء يرتبط به ، وقد جاءت بعض الأبيات الشعرية التي تضمنت كناية عن نسبة مثل البيت الشعري الخاص بالمتنبي (أنا الذي نظر الأعمى أدبي) ، فهنا يكون المعنى الظاهر هو رؤية الشخص الأعمى إلى أدب وشعر المتنبي والرؤية هي إحدى صفات الإنسان ، في حين أن المعنى المخفي والذي يقصده الشاعر هو مدح قوة وجمال أشعاره .
الكناية عن موصوف
أما الكناية عن الموصوف ؛ فبها لا يتم ذكر الموصوف ؛ ولكن يكتفى بذكر أحد صفاته فقط ، ويفهم معناها من سياق العبارة ، ومثال على ذلك أن يقول أحد الأشخاص : ” صفا لي أخي مجمع اللب ” والمقصود بمجمع اللب هنا هو القلب ، ولم يتم ذكر الموصوف هنا (القلب) ولكن تم الاكتفاء بالإشارة إليه عبر كلمة (مجمع اللب) .
كنايات في القران الكريم
تضمنت سور وآيات الذكر الحكيم على عدد كبير جدًا من الألوان البلاغية البيانية الأكثر من رائعة ، وقد احتوت أيضًا في الكثير من المواضع على الكناية بمختلف أنواعها ، مثل :
-يقول الله تعالى : { الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } سورة النساء [اية : 1] ، والكناية هنا تكون في لفظ (من نفس واحدة) حيث أن هذه النفس المقصود بها سيدنا ادم – عليه السلام .
-ويقول تعالى : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ } سورة المائدة [اية : 6 ] ، والكناية هنا في قوله تعالى (الغائط) ، حيث أن المقصود بها هو قضاء الحاجة للإنسان ، في حين أن المعنى الظاهر لكلمة الغائط يُعني الأرض ذات المستوى المنخفض عن باقي أجزاء الأرض .
-وقوله تعالى أيضًا : { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } سورة الإسراء [ اية : 24] ، وهذه الاية الكريمة بالكامل كناية عن ضرورة بر الوالدين والإحسان إليهما .
أهم الكنايات في اللغة العربية
-قول الخنساء في رثاء أخيها صخر : طويل النجاد رفيع العماء ، وهذا كناية عن أنه كان شريفًا وعزيزًا في قومه .
-يُلوحون بأغصان الزيتون ، وهذه العبارة كناية عن الجنوح إلى السلم والتوقف عن الحروب .
-انتفخت أوداج السلطان ، وهي كناية عن غضب وثورة السلطان .
-يُشار إلى هذا الرجل بالبنان ، وهذه العبارة تُستخدم أيضًا لتكون كناية عن الشهرة .