كان تقدم العلم في القرون السابقة محدود، حيث كان يقتصر على علاج الأمراض بشكل بدائي وغير مطور، ولذلك أن يعاني الكثير من الأوبئة والأمراض ويتعرضون للموت دون أن يكون هناك أي وسيلة لإنقاذهم ومن الإصابات التي كان لها تأثير نفسي سيء على الإنسان هي الإصابة بالعمى(عدم القدرة على الرؤية) وهو ما جعل لويس برايل يلجأ لابتكار طريقة تساعد هؤلاء في محنتهم وتخرجهم من ظلام العمى إلى نور العلم والقراءة من خلال اختراع طريقة ولغة خاصة للقراءة
معاناة المكفوفين قديما في تلقى التعليم
قديمًا كانت معالجة ضعف النظر محدودة، وكان من الصعب معالجة أمراض الشبكية والتهاب العين، ولذلك كان مصير من يتعرض لتلك الإصابات العمى ومواجهة الصعاب في التأقلم مع الآخرين فيما بعد، كما كان من الصعب التعليم وتلقي العلم، فالأعمى لا يستطيع أن يقرأ أو يكتب، ولذلك اقتصر التعليم حينها على سماع المعلومات وحفظها، مما جعل من المستحيل أن يصل المكفوفين لمنزلة عالية بأي دولة.
ولكن بعد اكتشاف “طريقة برايل” تم رجوع الأمل مرة أخرى لكل مكفوف، حيث تمكن المكفوفين في العالم من القراءة بتلك الطريقة وتلقي العلم بسهولة، مما جعلهم مؤهلين للتعليم والنبوغ فيه كبقية الأشخاص القادرين على الرؤية.
إصابة مكتشف ( طريقة برايل ) بالعمى
مكتشف تلك الطريقة لتعليم المكفوفين يدعي باسم “لويس برايل”، ولد لويس في عام 1809م في مدينة باريس اسمها “كوبفراي”، لقد اكتشف “لويس برايل” في القرن التاسع عشر طريقة يستطيع من خلالها المكفوفين القراءة والكتابة وكان بالأخص في عام 1825م، السبب في اكتشاف لويس تلك الطريقة هي قيامه أثناء صغره عند مساعدته لوالده باستخدام مسامير صغيرة وقطعة من الجلود فبدون عمد تسبب في جرح المسمار لعينه اليسرى، مما جعله لا يستطيع الرؤية بها مرة أخرى، ولقد وصل الالتهاب لعينه اليمني عندما كبرا قليلا، مما جعله يفقد بصره بالكامل.
لم تتوقف حياة لويس حينذاك بل قام بتعلم العزف على البيانو وبالفعل برع فيه، مما جعله من أشهر العازفين بالمعهد الفرنسي في تلك الحقبة من الزمن، ولما وجد أبيه ذلك حرص على تلقي لويس التعليم حتى بعد إصابته، ولذلك قام بإرساله لمدرسة تقوم بتعليم التلاميذ المكفوفين من خلال لمسهم للحروف الكبيرة المشكلة.
وبالفعل استطاع لويس النبوغ بشكل واضح في العلوم والرياضيات، ولكنه لم يكن على اقتناع كامل بان تلك الطريقة هي الوسيلة الأمثل لتعليمه أو لتعليم المكفوفين بشكل عام، حيث أنها تحتاج إلى وقت كبير لمنح الطالب التعليم بمختلف المجالات، مما سيجعله متأخر في المستوي التعليمي عن زملائه في نفس السن بالمدارس الأخرى.
اكتشاف ( طريقة برايل ) للمكفوفين
مع الاستخدام المستمر ل “لويس” للحروف التي يصل حجمها إلى ثلاثة بوصات، كما أنها كانت ثقيلة على اليدين لأنها مصنوعة من ألواح معدنية، شعر بصعوبة التعلم، مما جعله يفكر في طريقة أخرى لتلقي العلوم، واستوحي لويس فكرته من قبل الجيش الفرنسي.
حيث أنهم كان يعتمدوا على طرق حديثة لتداول وانتقال المعلومات بشكل سري، فكانوا يقوموا بكتابة الحروف على هيئة نقاط بارزة على لوح معدني، مما يجعلهم قادرين على فهم الكلام ولمسه بسهولة دون الحاجة لأي ضوء، حتى يكونوا على مقدرة للاقتراب من أعدائهم دون أن يشعروا.
وبالفعل استخدم لويس نفس الطريقة وقام بإحضار ورقة ومثقب، وبدأ في تشكيل الحروف بشكلها الصحيح على تلك الورقة، لم يكن الأمر سهلا، حيث اخذ لويس فترة طويلة في تشكيل الحروف فهو أراد عمل ذلك بأقل قدر من النقاط، حتى يكون الكفيف على مقدرة لاستيعابها.
وظل لويس يقوم بذلك حتى وصل لعام 1829م فقام في ذلك الوقت بالنجاح في عمل جميع الحروف باستخدام ستة نقا فقط للحرف، وبدء في طباعتها واستخدامها للدراسة بالمعهد، وظل المكفوفين يقوموا باستخدام تلك الطريقة للتعلم، ولكن بحلول عام 1839م واجه لويس رفض تجاه تلك الطريقة الحديثة.
نشر لويس برايل ابتكاره للمكفوفين
ولكن لم يكف لويس عن المحاولة بل استكمل مسيرة ابتكاره من خلال قيامه بكتابة وعمل مؤلف بطريقة برايل مكونة من مجموعة من القصائد الشعرية الإنجليزية، وقد قام أيضا بتقديم مشروعه وطريقته للأكاديمية الفرنسية ولكن باتت محاولاته بالفشل، ولكنه استطاع بمساعدة والده أن يقوم بتصنيع آلة تمكن المكفوفين من الكتابة بطريقة برايل، ومن خلال اجتهادات لويس استطاع بالفعل نشر “طريقة برايل” حتى استطاع كل مكفوف إلى يومنا هذا أن يحصل على التعليم ويتمكن من القراءة والكتابة.