يُعد علم البيان من أهم أنواع البلاغة في اللغة العربية ، وهو يعني الحصول على معنى واحد عبر عدة تراكيب وطُرق مختلفة ، ومن أهم الأهداف التي نشأ علم البيان من أجلها هو اختيار أوضح المعاني مع الاعتماد على فصاحة وبلاغة المفردات والمصطلحات المستخدمة ، كما يوجد عدة أنواع وأشكال أيضًا من علم البيان أهمها التشبيه والكناية والاستعارة وكذلك المجاز المُرسل .
شرح المجاز المرسل بالتفصيل
يُعد المجاز من أهم الألوان الأدبية والبيانية التي اعتمد عليها الكثير من الكتاب والشعراء في صياغة كتابتهم والتعبير عن المعاني المختلفة ، ويُمكننا تعريف المجاز على أنه يقوم المتحدث أو الكاتب بأخذ كلمة ذات معني مُعين ويقوم بصياغتها بطريقة مختلفة للتعبير عن معنى اخر ، ويعتمد ذلك على وجود علاقة بين الكلمة المستخدمة وبين المعنى أو التعبير المراد إبرازه من أجل تحقيق المتعة البيانية والبلاغية من الكلام .
وإذا كانت العلاقة بين الكلمة المستخدمة والمعنى مُشابهة ؛ فإن اللون البلاغي هنا يُسمى (استعارة مكنية أو تصريحية) ، أما إذا كانت العلاقة غير متُشابهة ؛ فهنُا يُطلق على هذا اللون البياني اسم (المجاز المُرسل) .
وبناءً على ما سبق ؛ فإن المجاز المرسل يُعني التعبير عن أحد المعاني بمُصطلح أو كلمة مختلفة لم تُوضع بشكل أساسي لهذا المعنى ، كما يوجد عدد من العلاقات المتعددة التي يظهر من خلالها المجاز المرسل وجميعها مبنية على قاعدة عدم التشابه .
انواع وعلاقات المجاز المرسل
يوجد عدة علاقات بين الكلمة المستخدمة والمعنى المراد التعبير عنه في المجاز المرسل ، وهي :
العلاقة السببية
العلاقة السببية هي التي يتم التعبير بها عن المُسبب بالسبب ، ومن الأمثلة على ذلك : عظمت يد عليّ عندي ، وهو يُعني أنه ذا الشخص قد علا وتعاظم شأن نعمته والتي تمت بيده ، حيث أن اليد هنا هي (السبب) أما النعمة فهي (المسبب) .
العلاقة المسببية
أما العلاقة المُسببية فهي التي يتم التعبير من خلالها عن السبب بالمسبب وهو عكس العلاقة السابقة ، مثال : تُمطر السماء نبات ، وبالطبع السماء لا تمطر النبات وإنما تُمطر الماء الذي يُستخدم في زراعة وإنبات المزروعات ، وبالتالي فقد تم التعبير في الجملة السابقة عن المطر (السبب) بالنبات (المُسبَّب) .
العلاقة الجزئية
في العلاقة الجزئية يتم التعبير عن الكل بجزء فقط منها ، مثال : باتت العيون تحرس في سبيل الله ، وبالطبع العيون هنا لا تبات أو تحرس بمفردها وإنما يحدث ذلك بوجود الشخص ، وبذلك يكون هذا مجاز مُرسل تم التعبير من خلاله عن الأشخاص بعيونهم فقط .
العلاقة الكلية
يتم في العلاقة الكلية التعبير عن جزء من خلال الكل المنتمي إليه ، وهي أيضًا عكس العلاقة السابقة ، ومثال على ذلك : اسجدوا مع الساجدين ، وفي هذا المجال المرسل ذو العلاقة الكلية تم التعبير عن الصلاة وهي الكل من خلال السجود فقط وهو الكل .
علاقة على اعتبار ما كان
وهو يُعني التعبير اللفظي عن أحد المعاني بكلمة تم وضعها بالماضي من أجل وصف شيء أو حدث في الوقت الحاضر ، مثال : اعطوا اليتيم ماله ، ومفهوم كلمة اليتيم في اللغة هو من توفى عنه أباه قبل البلوغ ، كما أن من لم يبلغ لا يأخذ ماله بعد ، والمقصود من هذه العبارة هم البالغون ولكن تم استخدام كلمة اليتيم على اعتبار ما كان .
علاقة على اعتبار ما سيكون
وهي عكس العلاقة السابقة ، حيث أنها تُستخدم من أجل وصف معنى بلفظ خاص بالمستقبل ولكن يتم استخدامه في الوقت الحاضر ، مثال : إني أعصر الخمر ، وبالطبع أن الخمر لا يعصر بل هو المعصور والمادة الناتجة عن العصر ؛ وما يُعصر هو العنب ، ولكن تم استخدام كلمة الخمر هنا على اعتبار ما سوف يؤول إليه العنب مُستقبلًا ، وقد ظهر ذلك في القران الكريم في سورة يوسف : { إنِّي أرَانِي أَعصِرُ خمْرًا } .
العلاقة المحلية
يتم في هذه العلاقة التعبير عن الأشخاص من خلال المكان الذي يتواجدون فيه ، ومن أهم الأمثلة على ذلك ، قررت الوزارة ذلك ، أي المعنيين بالأمر والمسؤولين داخل الدولة هم الذين قد قرروا .
العلاقة الحالية
وأخيرًا ؛ فإن العلاقة الحالية هي التي يتم التعبير بها بالحال عن المكان ، مثال : { ففِي رحمَةِ اللَّهِ همْ فيهَا خالِدُونَ } ؛ والخلد هنا يكون في الجنة ، ولكن وصفها المولى عز وجل بالرحمة لأنها أحد أحوال أهل الجنة المتنعمين في رحمة ورضا الله تعالى .