أُجريت أبحاث عديدة على النباتات المختلفة لمعرفة طرق تكاثرها و كيفية انتقال غبار الطلع من نبات لآخر لزيادة فرص نجاح التلقيح ، و من أغرب النباتات التي تم اكتشافها ؛ برز نبات الهيليكونيا ، الذي يقوم باختيار كائنات معينة لتساعدها على نقل حبوب اللقاح.
التكاثر عند النباتات:
تعتبر أزهار النباتات هي المسؤولة الأولى عن التكاثر الجنسي ، و تعتمد النباتات على ألوانها و روائحها الجذابة من أجل جذب الحشرات و أخذ الملقحات منها ، فمن المعروف أن عملية التكاثر تتم عند قيام الحشرات بأخذ حبوب اللقاح من الزهرة المذكرة و نقلها إلى الزهرة المؤنثة لكي تتم عملية الإخصاب ، و قد يظن البعض أن الحشرات لا تختار الحيوانات المسؤولة عن نقل حبوب اللقاح من زهرة لأخرى ، و لكن اكتشف العلماء أن هناك بعض النباتات لا تقبل حبوب اللقاح إلا من حيوانات معينة ، و لكن أشار العلماء إلى أن تلك النباتات تقوم بربط مصيرها مع مصير تلك الحيوانات ؛ بمعنى أنه في حال انقراض تلك الحيوانات فسوف ينقرض النبات أيضًا لأنه لن يقبل حبوب لقاح من أي حيوان آخر.
دراسات على نبات الهيليكونيا:
قامت دراسة من جامعة ولاية أوريغون و مؤسسة سميث سونيان على نبات هيليكونيا ، النبات الاستوائي الفريد ، حيث يتميز هذا النبات بأزهاره ذات الألوان المبهرجة ، و قد تم اكتشاف أن هذا النبات له علاقة وثيقة مع طائر الطنان ، حيث يتغذى طائر الطنان على رحيق نبات هيليكونيا بينما يستفيد النبات منه في نقل حبوب الطلع بين الأزهار ، و من هنا تمكن الباحثون من الحصول على أول دليل على قدرة النبات على تمييز الملقحات و اختيار الأفضل من بينها.
حاول العلماء في تلك الدراسة بتلقيح نبات هيليكونيا باليد و لكن لم يستجيب النبات لهذا التلقيح ، و بعد ذلك تم وضع هذا النبات في قفص به أنواع عديدة من طائر الطنان و العديد من الفراشات ، و ظل الباحثون يراقبون نظام تلقيح تلك الطيور ؛ تم التوصل إلى أن النباتات رفضت حبوب اللقاح من جميع الطيور ماعدا نوعين فقط من أنواع طائر الطنان و هما ؛ سيفي الجناح البنفسجي و الناسك الأخضر.
كما استنتج العلماء أن الطيور التي تمتلك منقار طويل مقوس يمكنه الوصول إلى الرحيق ؛ كانت هي الأكثر نجاحًا في تلقيح النباتات ، كما توصل العلماء إلى أن الطيور التي نجحت في عملية التلقيح هي الطيور التي تُسافر مسافات واسعة في أنحاء الطبيعة بالمقارنة مع الأنواع الأخرى المستخدمة في التجربة ، و من هنا أشار بعض العلماء إلى أن نبات هيليكونيا قد فضلت تلك النوعية من الطيور لأنها قادرة على جمع حبوب اللقاح من نباتات أكثر بعداً ، و بالتالي فإنها تساهم في خلق تنوع جيني نباتي أكبر.
و لم تتوقف تلك النباتات عند هذا الحد بل لديها القدرة أيضًا على تحديد نوعية الملقحات التي تريدها ؛ حيث أنها تقوم بانتقاء الملقحات الجيدة و تقوم بابعاد الملقحات السيئة ، و قج عزمت تلك النباتات على عدم إهدار طاقتها في إنتاج حبوب لقاح تقليدية أو غير مرغوبة ، و لذلك فإنها تقوم الطيور التي تسافر كثيرًا لأنها تجلب معاها أنواع جديدة من حبوب اللقاح مما يساعد نبات هيليكونيا على التنوع و الاختلاط الجيني ، فحبوب اللقاح عالية الجودة و الآتية من مسافات بعيدة تعتبر ميزة تكيفية.