{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:40]، يعود سبب نزول هذه الآية إلى حادثة زواج النبي من زينب بنت جحش، والتي كانت زوج لزيد بن حارثة وبعد ان طلقها تزوجها رسول الله، فجاء المنافقون يقولون: «محمد يحرم نساء الولد، وقد تزوج امرأة ابنه زيد» فنزلت هذه الآية للرد عليهم.

تفسير ابن كثير {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}

يقول بن كثير في تفسير الآية {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:40]، هو نهي أن يقال بعد هذا: زيد بن محمد، أي: لم يكن أباه وإن كان قد تبناه فإنه صل الله عليه وسلم لم يعش له ولد ذكر إلى البلوغ، فإنه صل الله عليه وسلم ولد له القاسم والطيب والطاهر من السيدة خديجة رضي الله عنها فماتوا صغارًا، وولد له إبراهيم من مارية القبطية، فمات أيضًا رضيعًا، وكان له صل الله عليه وسلم من خديجة أربع بنات هم: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، رضي الله عنهن أجمعين، فمات في حياته ثلاث بنات، وتأخرت فاطمة رضي الله عنها حتى أصيبت به، ثم ماتت بعده بستة شهور.

تفسير وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}
وقوله تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:40] كقوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:124]، فهذه الآية نص في انه لا نبي بعده، فلا رسول بالطريق الأولى والأحرى؛ لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس، وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صل الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة رضي الله عنهم .

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عامر الأزدي: حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صل الله عليه وسلم: قال: «مثلي في النبيين كمثل رجلٌ بنى دارًا فأحسنها وأكملها، وترك فيها موضع لبنة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان، ويعجبون منه، ويقولون: لو تم موضع هذه اللبنة؟ فانا في النبيين موضع تلك اللبنة» [رواه الترمذي]

سبب نزول ما كان محمد أبا أحد من رجالكم

جاءت الآية في تأكيد تحريم فعل من أفعال الجاهلية وهو التبني، حيث كان رسول الله صل الله عليه وسلم قد تبنى زيد بن حارثة وذلك قبل البعثة الإسلامية، وكان يدعى بين أقرانه بـ زيد بن محمد، ولما نزلت الآية {ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب:5]، في تحريم التبني، رده النبي إلى اسمه الأصلي وصار يدعى زيد ن حارثة، وقد تزوج زيد الصحابية زينب بنت جحش، ولما طلقها تزوجها رسول الله، فجاء المنافقون يقولون: «محمد يحرم نساء الولد، وقد تزوج امرأة ابنه زيد» فنزلت هذه الآية {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:40]