حب الذات ليس انانية ، لقد نشأ وتربى الكثيرون على انكار الذات ، وترسخ بداخلهم مبدأ الايثار ، والايثار قيمة هامة في الحياة بوجه عام ،ولكن أحياناً ينسى الشخص اشياء هامة عن ماهيته ، ما يفضله ،ما يريده ،و ما يحتاجه ،ويؤثر احتياجات الاخرين على احتياجاته ، فيقدم الشخص تضحيات كبيرة في غير محلها ،و هذه التضحيات تؤثر سلباً على من يقومون بها .
نصيحة سقراط
وينصح الفيلسوف الاغريقي سقراط كل انسان نصحيتين:
الاولى ان يهتم الشخص بنفسه “اهتم بنفسك” .
الثانية ان يعرف كل شخص نفسه “اعرف نفسك” .
فالاهتمام بالذات ليس فقط من اجل الشخص بمفرده ، ولكن من اجل تحسين سلوكه العام تجاه المجتمع الذي يعيش فيه ، وكذلك فهم الشخص لأفكاره ،معتقداته ، تعاطفه مع ذاته ، انخراطه في بعض الانشطة كالتأمل والاسترخاء يؤثر على مدى تمتعه بجودة الحياة هو ومن يحب .
لماذا يجب على الشخص فهم ذاته وحبها أولاً ؟
1- عندما يشعر الشخص بأنه قد استنزف ،فلن يصبح لديه اي قدرة على العطاء: عندما يثقل الشخص كاهله بالمسؤليات والاعباء ، ويقدم احتياجات الآخرين على احتياجاته الشخصية فانه يستنزف طاقته ،يفقد الرغبة في الاستمرار و بذلك يفقد قدرته على العطاء.
الفرق بين العطاء والواجب: فكل الاشخاص اختبروا الفرق بين العطاء بدافع الحب المتبادل ، والعطاء بدافع الواجب والمسؤلية ،فالأم احيانا تكون سعيدة ومتحمسة وهي تعد اطفالها للخروج في نزهة عائلية ، واحياناً تجهز صغارها انطلاقاً من مبدأ الواجب بالرغم من عدم رغبتها في تنفيذ هذا الفعل ، فالمهمة واحدة لم تتغير ، ولكن شعور الانسان وسلوكه هو الذي يختلف ، فالحب والتقدير والعطاء المتبادل هو الذي يجعل الشخص قادر على الاستمرار رغم متاعب الحياة .
2- قيام الشخص بما يحب يعيد شحنه بالطاقة الايجابية: فعندما يتمتع الشخص ببعض الحماسة ، يصبح لديه طاقة ايجابية تجعله قادرا على العطاء ،فالحصول على بعض الوقت المستقطع لتلبية الاحتياجات الشخصية واهتمام الشخص بنفسه يؤثر على جودة علاقته بالآخرين من حوله ، فيشعر أصدقاءه ، أسرته وعائلته انهم يتعاملون مع شخص اخر جديد مفعم بالنشاط والحيوية وحب الحياة .
3- يفقد الشخص ذاته عن طريق تكليفها باعباء ومسؤليات كثيرة: هناك اباء وامهات يتخطون الحدود في انكار ذواتهم من اجل ابنائهم ،فهم يكرسون كل لحظة من حياتهم لصالح ابنائهم ،فكثير من الناس يضحون بجانب من حياتهم واهتماماتهم من اجل تحقيق السعادة للاخرين .
4- يمكن ان نستنزف الاخرين اذا لم نحصل على احتياجاتنا: عندما تتمحور حياة الاباء حو ابنائهم ، في محاولة منهم لانكار ذاتهم، نجد ان الاباء يضعون مزيداً من الضغط على الابناء وذلك تلبية لرغباتهم ، فمن الافضل للابناء أن يشاهدوا ابائهم وهم في كامل سعادتهم ورضائهم وتحقيقهم لذاتهم على مشاهدتهم وهم يثقلونهم بالضغط النفسي من اجل تحقيق رغباتهم الشخصية ، فيعتقد بعض الابناء ان ابائهم يضغطون عليهم لتحقيق مافشلوا هم فيه ،فهم يسعون لتحقيق انفسهم من خلال ابنائهم ، لذلك يجب على الانسان الاهتمام بذاته واحتياجاته واهتماماته اولاً ،حتى لا يستنزف طاقة من حوله ويثقلهم بالمسؤليات .
5- يخسر الانسان نفسه نتيجة انتقاده لذاته: عندما يجد الانسان نفسه مندفعا لمساعدة الاخرين يجب عليه معرفة الدافع وراء ذلك ، هل يندفع لمساعدة الاخرين بدافع الحب تجاههم ، ام ان هناك شئ اخر يدفعه لذلك ،فالكثيرون لديهم احساس داخلي يخبرهم دائما ان عليهم فعل المزيد والمزيد ليتقبلهم المحيطين بهم ، عادة ما يؤثر هذا الشعور الداخلي على مزاج الانسان وسلوكه العام ، وقد يكون وجه اخر لرغبة بعض الاشخاص في الكمال لذلك ينتقدون انفسهم دائما للوصول للأفضل
6– فشل بعض الاشخاص فى الاحساس بانفسهم: واخطر شيء مما سبق هو ان يتوقف البعض عن الشعور بانفسهم ،فكما اثبتت الابحاث ان شعور الاشخاص بانفسهم وتعاطفهم مع ذاتهم يحسن من علاقتهم وشعورهم بالاخرين ،فشعور الشخص بنفسه يمنحه نظره شاملة تجعله قادراً على رؤية اخطاؤه وايضا تغييرها .
كذلك يجب على الشخص الذي يريد ان يتمتع بعلاقات صحية مع الاخرين ان يتعلم كيفية تقبل مشاعره واحاسيسه ، ان التدرب على ممارسة تقبل الذات والشعور بها يحسن من حياة الانسان الاجتماعية .
7- الضغط النفسي يؤذينا نحن والمقربين الينا: عندما يفشل البعض في عمل وقفة مع الذات ،ومحاولة الاستمتاع ببعض الوقت فان ذلك يزيد من حدة الضعط النفسي عليه هو والمحيطين به ،فاثقال الحياة بالمسؤليات يجعل التوتر والضغط النفسي عادة طبيعبة لدى البعض ، وهم بذلك لا يؤذون انفسهم فقط ، بل يؤذون المقربون منهم ايضا ،وكذلك فهو يمنعهم من الاستمتاع بالحياة .
8- الضغط على الذات يؤثر على اداء الشخص: كما تشير الابحاث الى ان الاشخاص الذين لا تتاح لهم الفرصة للاعتناء بانفسهم ،فانهم يواحهون مشاكل في التركيز مما يؤثر على آدائهم في العمل ،فالاهتمام بالذات لا يؤثر على السعادة الشخصية فقط بل يؤثر على الاداء في العمل .