حكام عُمان على مر التاريخ تركوا بصمة لا تنسى فأغلبهم كان يسعى لحماية السلطنة من الحروب الأهلية ،و من الأستعمار الأجنبي من بين هؤلاء الحُكام صاحب الحنكة السياسية و الشخصية الدبلوماسية القيادية تركي بن سعيد بن سلطان .. من هو تركي بن سعيد بن سلطان ..؟ ،و ما قصة رحلته الشهيرة ..؟ هذا ما ستطلعلك عليه السطور التالية لهذه المقالة .
نسبه ،و نشأته .. هو تركي بن سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيدي ولد تركي بن سعيد عام 1837 ميلادياً ،و تولى الحكم في عام 1863 ميلادياً ،و يعد تركي بن سعيد من أبرز القادة الذين تولوا حكم السلطنة خلال القرن التاسع عشر .
وضع عُمان قبل و بعد حكم تركي بن سعيد … قبل الحكم كانت على وشك الدخول في دوامة الحروب الأهلية حيث ساءت أوضاعها الداخلية ،و بدأ الصراع يزداد ،و تتشابك ،و تتلاحق الأحداث ،و هنا جاء دور تركي بن سعيد الذي كان في ذلك الوقت يحظى باحترام ،و تقدير ،و حب من قِبل القبائل العُمانية ،و مع نظرة تركي للأوضاع الداخلية الغير مستقرة ازاد قلقه ،و خوفه ،و قرر أن يحاول تهدئة الوضع ،و فض النزاع بين القبائل ،و ساعد تركي على هذا وفرة الأموال ،و ذلك لأنه كان قد اتفق مع ماجد حكام زنجبار شقيق السيد تركي على أن يمده بالأموال للخروج من الأزمة بنجاح ،و ما ساعد تركي أيضاً أنه صاحب شخصية دبلوماسية ،و حنكة سياسية ،و لديه علاقات متينه تربط بينه ،و بين القبائل العُمانية .
رحلة السيد تركي .. استمر تركي في محاولاته لكي يهدأ الوضع في عُمان ،و في سبيل ذلك سافر ليبدأ رحلته الشهيرة التي كان خط سيرها بدايته من الهند متجهاً ناحية الساحل العُماني ،و في طريقه فكر تركي في الأسلوب الذي سيستخدمه مع القبائل العُمانية ،و قرر أن يبتعد عن أسلوب اثارة غضب سكان الساحل ضد نظام الحكم ،و بدأ في تحديد المواقع الاستراتيجية للسلطنة ،و ذهب إليها ليتفاهم مع شيوخها ،و من أبرز المناطق التي ذهب إليها تركي ليتفاوض مع شيوخها دبي ،و رأس الخيمة ،و عجمان ،و النعيم ،و بن النعيم ،و بني قيس ،و قد أجرى كل ذلك بفضل التعزيزات المالية التي كان يرسلها إليه شقيقه حاكم زنجبار ،و كان قد أنفق على ذلك ما يقرب من 80 ألف ريال نمساوي لم تقل عزيمة تركي بوفاة أخيه وحاول أن يُكمل طريقه وتعهد تركي من خلال خطابه إلى انجلترا بأنه سيحافظ على مصالحهم في المنطقة ،و حاول جمع شمل الولايات فجهز موقعه في مدينة صور ،و كسب تأيد سكان سمد ،و من ثم قام تركي بأرسال قوات بزعامة والي مطرح السيد سيف بن سليمان البوسعيدي الذي كان والياً على مطرح في هذا الوقت ،و نحجت قوات تركي بزعامة سيف من دخول مطرح بعد أن اشتبك مع أهلها اشتباكاً عنيفاً ،و ما لبث أن وقعت مطرح في يده ثم استسلمت مسقط بعد ذلك ،و من ثم أصبح سيف بن سليمان البوسعيدي الذراع الأيمن للسيد تركي كان قد استنفذ تركي كافة موارده المالية ،و لم يبقى معه شيئاً فأجتمع مع حلفاؤه من زعماء القبائل ليؤمن موارد مالية يُكمل بها ما قام به ،و في عام 1874 ميلاياً عمل خصوم تركي على إثارة الفتن ،و الشائعات ،و ذلك ليتمكنوا من احداث خلل بين صفوف جنوده ،و نشروا أن ترك قد وافته المنية وفي الوقت نفسه كان تركي قد تدهورت حالته الصحية ،و لكنه لم يستسلم لهم فأرسل إلى أخيه عبد العزيز بن سعيد ،و جاء عبد العزيز من محبسه بجواذر ،و اتفق معه تركي أن يتسلم كافة الصلاحيات التي تؤهله ليكون نائباً عنه حتى يذهب للعلاج في جواذر واستند في ضبط الحالة المالية على السيد برغش حاكم جواذر ،و الذي قد العون ،و التعزيزات المالية لتركي حتى يتم مشواره ،و تطورت حالة البلاد للأحسن ،و استكمل تركي علاجه ،و عاد ليُكمل حكمه عام 1875 ميلاياً ،و كانت هذه الفترة من أكثر الفترات ازدهاراً ،و تقدماً حيث استمر تركي قرابة اثنى عشر عاماً يقوم بإصلاح شئون البلاد ،و ارتقى تركي بالأحوال الاقتصادية ،و أصلح النُظم الأدارية .
كيف رأت بريطانيا فترة حُكم تركي ..؟ كانت بريطانيا قد أثنت على حكم تركي ،و أوضحت أن النجاح الذي وصلت إليه الدولة على يده يعود لشخصية الحاكم مستنداً على مميزات عُمان من جميع النواحي الجغرافية ،و الاقتصادية ،و الدينية ،و عمل تركي على الحافظ على هذا بالإضافة إلى أنه وجد دعماً من مستشاريه بدر الدين بن سيف قائد الجيش ،و والي صحار وسليمان بن سويلم السكرتير الخاص لتركي ،و والي صور ،و ظفار بالإضافة لعدد من الوزراء ،و حنكة تركي مكنته من ادارة الأدارات الإقليمية لرؤية أنها كانت معقدة جداً مقارنةً بالأدارات المركزية ويعود تعقيدها للعوامل الجغرافية وأهميتها الأستراتيجية وركز تركي على الولايات الهامة مثل مسقط ،و مطرح ،و صحار ،و اختار عناصر ادارية ذات كفاءة عالية .
وفاة تركي بن سعيد بن سلطان .. تركي أسس الدولة تأسيساً سليماً ونعمت الدولة عهده بالاستقرار السياسي ،و الرخاء الاقتصادي ،و وافته المنية عام 1888 ميلاياً ،و تولى ابنه فيصل بن تركي بن سعيد الحكم من بعده .