تعد مادة الهيليوم أو غاز الهيليوم من إحدى هذه العناصر الكيميائية الخاملة أو النبيلة ، و الموجودة في الطبيعة ، و الذي يقع في الدورة الأولى ، و على رأس المجموعة الثامنة تحديداً في الجدول الدوري الخاص بالعناصر .

و يرمز لغاز الهيليوم بالرمز (He) أما عدده الذري فهو (2) ، و يتألف الهيليوم في الأساس من نواة فيها بروتونين ، و نيوترونين اثنان بينما يحيط بهما إلكترونين اثنان ، و ذلك في مداراتهما الذرية .

و يمتاز الهيليوم بأنه عبارة عن ذلك الغاز العديم اللون ، و الرائحة بالعلاوة إلى المذاق هذا بالإضافة إلى أنه غير قابلاً للاشتعال ، و يخلو من السمية ، و هو ذلك العنصر الوحيد الذي يمتلك سرعة إفلات ، و تسرب كبيرة .

أما بالنسبة للنشاط الكيميائي الخاص بالهيليوم فهو قليل لدرجة كبيرة إذ يرجع السبب في ذلك إلى وجود إلكترونين في أفلاكه الخارجية أي أنه ممتلئ المدارات الإلكترونية ، و هذا ما جعله مستقراً .

هذا بالإضافة إلى كونه بسيط التفاعل مع تلك العناصر القريبة منه حتى لو تم تعريضه إلى الحرارة بينما يمتلك عنصر الهيليوم القدرة الجيدة على توصيل كل من الحرارة ، و الكهرباء بينما تكون كثافته ، و غليانه منخفضان ، و هذا إضافةً إلى أنه قليل الذوبان في الماء .

كيفية اكتشاف عنصر الهيليوم :-
جاءت عملية اكتشاف عنصر الهيليوم لأول مرة في الغلاف المحيط بالشمس في عام (1868م) ، و تحديداً عند حدوث ذلك الكسوف الكلي للشمس في الهند إذ جاءت عملية اكتشافه من جانب العالمين الفلكيان (بيري جولي) ، و ( جوزيف نورمان) .

إذ كان ذلك في خلال قيامهم بدراسة كسوف الشمس في ذلك العام ، و مراقبتهم لهذه الأشعة الصادرة عنها بطريقة التحليل الطيفي ، و التي تعتمد على وضع مؤشراً خاصاً في مواجهة الإشعاع الشمسي .

فيتحلل الإشعاع الشمسي الواصل إليه إلى عدة ألوان حيث قد لاحظ العالمان في ذلك اليوم وجود خطاً ذو لون أصفر غير مألوف أو معروف ، و لا يمكن أن يكون ناتجاً من خلال أي عنصر من هذه العناصر المعروفة لديهم في تلك الفترة الزمنية .

و من خلال تلك الملاحظة تبين لديهم أن هناك عنصراً جديداً يشكل غيمة حول الشمس إذ استمرت عملية البحث عن ماهيته ، و رصده ليتبين لهم أنه يعد ثاني أكثر تلك العناصر انتشاراً في الفضاء الخارجي ، و ذلك بالطبع بعد غاز الهيدروجين إذ يسبق ذلك العنصر من ناحية انتشاره غاز الأكسجين.

أما فيما يخص النطاق الخاص به في الغلاف الجوي فقد وجد أنه من ضمن أحد العناصر الشديدة الندرة على الرغم من درجة انتشاره الواسعة تلك إذ يرجع السبب في ذلك إلى كثافته البسيطة ، و التي تجعله يتصاعد إلى الأعلى مخترقاً الغلاف الجوي إلى الفضاء الخارجي ، و من هنا أتت تسمية ذلك العنصر الجديد بمسمى الهيليوم .

كيفية تشكل الهيليوم في باطن الأرض :-
تأتي عملية تشكل عنصر الهيليوم في باطن الأرض عن طريق ذلك الانشطار الإشعاعي الخاص بالعناصر الثقيلة مثال اليورانيوم ، و الثوريوم إذ ينتج عن عملية الانشطار تلك هذه العناصر التي ينتج عنها عنصر (ألفا) ، و الذي يعد عبارة عن النواة الخاصة بذرة الهيليوم .

إذ تنجح بعضاً من تلك الذرات في شق طريقها في اتجاه الغلاف الجوي مندمجة مع الهواء ، و لكن ذلك يحدث بنسبة بسيطة أما الكمية الأكبر أو النسبة الأعلى فهي تلك التي تحتجز في باطن الأرض ، و داخل المصائد الخاصة بالصخور الكتيمة ، و التي تقوم بالاختلاط مع الغاز الطبيعي المتشكل فيها.

أكثر الدول إنتاجاً للهيليوم :-
تقدر نسبة الاحتياطي العالمي من مادة الهيليوم بنحو (41) مليار متر مكعب بينما يوجد أكبر مخزون منها في دولاً مثل قطر علاوة على الجزائر ، و روسيا ، و الولايات المتحدة الأمريكية بينما يصل المعدل الخاص بالإنتاج العالمي من مادة الهيليوم سنوياً مقدراً بحوالي (175) مليون متراً مكعباً .

حيث تعد الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر منتجاً لمادة الهيليوم في العالم بينما تأتي دولة قطر كثاني أكبر منتجاً له بعد الولايات المتحدة الأمريكية .

كيفية إنتاج غاز الهيليوم من الغاز الطبيعي :-
تعد عملية إنتاج الهيليوم من إحدى العمليات المعقدة ، و الدقيقة ، و التي تحتاج إلى توافر تكنولوجيا عالية علاوة على توافر معدات خاصة ، و للقيام بإنتاج مادة الهيليوم أو غاز الهيليوم من الغاز الطبيعي يوجد لذلك مرحلتان أساسيتان ، و هما :-

المرحلة الأولى :- و هي عبارة عن تلك العملية الخاصة بتكثيف الغاز المستخرج من باطن الأرض ، و ذلك يكون من خلال استعمال درجات حرارة منخفضة فينتج مخرجان أولهما مركبات الغاز الطبيعي الهيدروكربونية أما ثانيهما فهي مركز غاز الهيليوم حيث عادةً ما تقدر نسبة الهيليوم بهذا المركز إلى ما مقداره (80%) .

المرحلة الثانية :- و هي تلك المرحلة الخاصة بعملية التنقية لمركز الهيليوم من هذه الشوائب التي قد تكون موجودة به مثال غاز الميثان أو النيتروجين أو الأرغون ، و غيرهما من الغازات الأخرى .

أهم الاستعمالات الصناعية الخاصة بعنصر الهيليوم أو غاز الهيليوم :-
نظراً لتلك الخصائص المتميزة ، و الجيدة لعنصر الهيليوم فقد جرى استخدامه في العديد من المجالات الصناعية الهامة ، و منها :-
أولاً :- تبريد الأجهزة المغناطيسية علاوة على صنع هذه الرقائق الخاصة بالسليكون ، و الجرمانيوم .
ثانياً :- يستعمل الهيليوم في علاج الأزمات النفسية ، و مساعدة المريض بها على استنشاقه كمية أكبر من الأكسجين إذ يرجع السبب في ذلك إلى خفة وزنه علاوة على درجة كثافته المنخفضة فوجود الهيليوم في الهواء الذي يستنشقه المريض يفيد في تسريع عمليه التنفس لديه .
ثالثاً :- يستعمل الهيليوم بشكلاً أساسياً في ملئ السفن الهوائية ، و المناطيد من أجل أن تتمكن من الارتفاع ، و الطيران ، و ذلك يرجع إلى خفته ، و قلة درجة كثافته هذا بالإضافة إلى عدم قابليته للاشتعال .
رابعاً :- يستعمل الهيليوم في الكشف عن التسريب في عملية الانتشار الغازي ، و التي تكون أثناء القيام بتخصيب اليورانيوم هذا بالإضافة إلى كثرة استعماله في الصناعات النووية ، و ذلك يرجع إلى كونه ناقلاً جيداً للحرارة.
خامساً :- يتم استعمال الهيليوم كعاملاً مساعداً في العمليات الخاصة باللحام ، و التي يجب أن تجرى في جواً معزولاً عن الهواء .
سادساً :- يخلط الهيليوم في هذه المواد الخاصة بالتنفس ، و المستخدمة في عمليات الغوص تحت الماء ، و في المركبات الفضائية إذ يرجع السبب في ذلك إلى عمله على زيادة تلك السرعة الخاصة بتدفق الأكسجين في الأسطوانات .