يعتمد الاقتصاد العالمي الآن علي كيانات اقتصادية كبيرة تدير حركته، وهو الأمر الذي جعل العديد من المؤسسات والمنشآت تسعى إلى تكوين كيانات كبيرة من خلال الاندماج مع مؤسسات متماثلة في النشاط ، وقد قدمت بنوك نماذج لهذا الاندماج فقد قامت بنوك في  اليابان وأيضا في كوريا بالاندماج، ونجحت وهو ما جعل من الاندماج المصرفي موضوعا مهما على المستوى العالمي والإقليمي .

لأن التوسع الكبير في حجم التجارة العالمية والتبادل الاقتصادي بين بلدان العالم يستدعى وجود بنوك مؤمنة برؤوس أموال ضخمة يمكنها تقديم خدمات بنكية بكفاءة وبسرعة، يضاف إلى ذلك أن التكتلات الاقتصادية الكبرى هي من تدير الدفة بما تملك من موارد مالية تزيد ميزانياتها عن ميزانيات دول، ما يستلزم وجود بنوك تملك موارد مالية كبرى متحررة من المفهوم التقليدي للعمل البنكي.

تعريف الدمج في البنوك

عرف مصرفيين الدمج بأنه اتفاق بين بنكين أو أكثر على اتحادهما وضم جميع مواردهما في كيان واحد له شخصيته الاعتبارية المستقلة، وفي المنطقة العربية يكون الدمج داخل البلد الواحد ولا يتعداه إلى دول أخرى ، وذلك لأن الخلفيات القانونية والمنظمة لعمل البنوك في الدول العربية تختلف من دولة إلى أخري، فمن الصعوبة دمج بنك مصري مع بنك لبناني أو جزائري، لكن يمكن دمج بنكين داخل مصر، وهكذا.

أسباب اندماج البنوك

1 ـ صعوبة المنافسة بين البنوك الصغيرة التي بالكاد تقدم خدماتها الاقتصاديات المحلية بشيء من الصعوبة، وعدم قدرتها المادية والتقنية للقيام بخدمات بنكية عالمية، وتقوم بهذه المهمة بدلا منها الفروع الممتدة لتلك التكتلات العالمية، مثل  الاتحاد الأوروبي، اتحاد دول شمال أمريكا للتجارة الحرة (النافتا)، منظمة التجارة العالمية، التكتل المتوسطي بين الدول الأوروبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، التكتل الأسيوي الباسيفيكي الاقتصادي.

2ـ التطورات التقنية الكبيرة التي مرت بها البنوك خلال العقد الماضي، والتي جعلت من العمل البنكي صناعة تحتاج إلى موارد مالية ضخمة تمكنها من الاستثمار في تلك التقنيات ومواكبة التطورات النوعية في تكنولوجيا البنوك، وهو الأمر الذي ربما لا يمكن لبنك من البنوك العربية القيام والاضطلاع به وحده.

3- صعوبة مواجهة البنوك الصغيرة لأوضاع اقتصادية تكون أكبر من إمكانياتها وقدراتها، مثل ما يحدث في حالة ما يسمى بالتذبذبات الاقتصادية والتي تحدث أحيانا وتؤدى إلى التعرض إلى مشاكل لا يمكن للبنوك محدودة الرساميل مواجهتها، وهو الأمر الذي يشكل دافعا قويا لفكرة الاندماج لخلق قاعدة رأسمالية كبيرة تستطيع مواجهة الأنواء الاقتصادية الطارئة، والحالة الصارخة على هذه الظروف الاستثنائية حرب تحرير الكويت.

فائدة الدمج بين البنوك

1 – تحقيق وفورات اقتصادية كبيرة نتيجة الدمج حيث أن وجود كيانات اقتصادية كبيرة الحجم، يحقق خفضا كبيرا في النفقات التي تحدث نتيجة زيادة الإنتاج وانخفاض وحدة التكلفة.

2- يحقق الدمج زيادة ونموا كبيرا في القاعدة الرأسمالية حيث أن ضم الموارد المالية والبشرية يساعد على الأداء المتميز وتحقيق أقصي استفادة من المهارات والكفاءات والمواهب البشرية مع العديد من عناصر الانتاج المتوفرة .

3- إزاحة البنوك التي لا تساهم في الاقتصاد بأي شكل يذكر، ويشكل بقاءها واستمرارها عبئا ماليا.

4- تمكين الكيانات الجديدة التي يخلقها الاندماج من دخول المنافسة في الأسواق العالمية، كما يمكنها من الانتشار والتوسع من خلال إنشاء شبكة كبيرة من الفروع.

5 ـ يمثل حجم البنك الكبير عنصر جذب يستقطب العديد من العملاء الكبار، ومنهم المؤسسات المتعددة الجنسيات، وهو ما تستطيع البنوك الصغيرة القيام به.

6ـ يحقق الاندماج قدرة على تحمل أعباء التمويل للمشروعات الكبيرة، وهو ما يساعد في دعم المشروعات الوطنية، ويحد من اللجوء للاقتراض من المؤسسات الدولية للتمويل.

7ـ تعزز فكرة الاندماج بين البنوك اتجاه قطاعات أخرى للحذو حذوها ما ينعكس بقوة وبشكل ايجابي على المنشآت والمؤسسات الوطنية.

أنواع الدمج بين البنوك

تعرف البنوك أنواع مختلفة من الدمج تنقسم إلى ما يلى

1 – الدمج الودى، ويتم بين بنك وبنك أخر بغرض الحصول على تحقيق عوائد مرتفعة وتحقيق وفورات اقتصادية وزيادة رأس المال.

2- الدمج القسري، وهو نوع من الدمج تلجأ إليه أحيانا البنوك المركزية أو السلطات الإشرافية حيث تسن قوانين تهدف إلى النهوض بالقطاع المصرفي ، وتقدم العديد من الحوافز التي تشجع البنوك على الاندماج مثل منحها قروضا ميسرة وإعفاءات ضريبية .

3- الدمج المعادي، وفيه تقوم سلطات بنك يسعى لدمج بنك آخر معه، بالاتصال المباشر بمساهمي هذا البنك دون علم إدارته، وتقديم عرض لشراء أسهمهم.

4- الدمج الأفقي، حيث يتم الدمج بشكل متفق عليه ومخطط بين بنكين.

 معوقات الدمج بين البنوك العربية

1 – عدم رغبة غالبية البنوك في الاندماج بل مقاومتها.

2 – عدم وجود حوافز حقيقية تدفع باتجاه الدمج وخاصة من الناحية التشريعية.

3ـ عدم وجود مؤسسات مصرفية تستطيع تحقيق المنافسة القوية وتقدم خدمات مصرفية عالمية.

 4 ـ الاعتقاد أن توفر زيادات في رأسمالية البنوك يغنيها عن الاندماج مع بنوك أخرى.

 5ـ عدم وجود مؤسسات متخصصة في الدمج والشراء داخل الأسواق المصرفية العربية.

 6ـ افتقار غالبية اللوائح والتشريعات التي تنظم عمل البنوك العربية إلى القواعد والقوانين المنظمة لعمليات الدمج.