إن طموح الإنسان نحو الأفضل و سعيه دائما للتقدم في كافة المجالات له جانب سلبي على البيئة و خاصة النشاطات البشرية الصناعية بأشكالها المختلفة تؤثر على الحياة البيئية بأكملها ، و في هذا الشأن تم إجراء دراسات لمعرفة مدى تأثير هذه النشاطات على الأسماك و أسباب تحول ذكور معظم الأسماك إلى إناث.

دراسة على أسماك خليج بسكاي:
تمتد ما بين شمال شرق إسبانيا و جنوب غرب فرنسا ، و قد تم اختيار أسماك خليج بسكاي ليتم إجراء الدراسة عليها ؛ حيث تتميز منطقة خليج بسكاي بأنها منطقة مصبات أنهار ، و تحتوي على أنواع عديدة من الأسماك ، و بعد أخذ بعض العينات الجينية من أسماك خليج بسكاي ؛ تم اكتشاف أن تلك الأسماك يتحول جنسها الذكري إلى أنثوي ، و أكدت الدراسة على أن الملوثات الكيميائية الناتجة عن نشاطات البشر تقوم بجعل ذكور الأسماك يكتسبون صفات أنثوية.

و بالنظر إلى مركبات الملوثات الكيميائية التي تُسبب تلك الظاهرة ؛ فقد كشف العلماء عن انتماء تلك المركبات إلى مجموعة المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء ، و التي يُطلق عليها اسم EDCs ، تتواجد هذه المواد بكثرة في العديد من المنتجات الحديثة التي يستخدمها الإنسان بصورة كبيرة مثل ؛ مبيدات الآفات ، و العطور ، و منتجات التجميل ، و المستحضرات الدوائية ، و مواد التنظيف المختلفة ، و غيرها ، حيث أكد الباحثون على أن هذه المواد قد تتسرب إلى المياه عن طريق استخدام مياه الفضلات المعالجة في الزراعة ، و كنتيجة للنشاطات الزراعية ، و الصناعية المختلفة.

تأثير EDCs على الأسماك:
تنتمي EDCs إلى فئة الكزينواستروجينات ، و توجد في المياه و الترسبات حول الأحواض و في أجسام الأحياء التي تتعرض لها و منها ( الهرمونات ، و السيتروئيدات ، و المركبات متعددة الكلور ، و الفينولات ، و الفثالات ، و المسك الاصطناعي) ، و من الآثار السلبية التي تنتج عن تلك المواد أن أغلبها قابلة للتراكم في الأنسجة الدهنية للإنسان ، و بطيئة التحلل البيولوجي ، أي أنها تبقى في جسم الإنسان و تؤثر على الصحة على المدى البعيد.

و كما هو الحال على الإنسان فإن تلك المواد تؤثر أيضًا على الأسماك ، ففي حالة تراكم تلك المواد في أجسام الأسماك بنسبة كبيرة ؛ فهي تتداخل مع نظام عمل الغدد الصماء للأسماك ، و تُسبب العديد من الاضطرابات التطورية و التناسلية ، و لذلك تظهر حالات في الأسماك تُسمى بثنائية الجنس أو حالة الخصية – مبيض ، و هي التي تدل عن وجود البويضات بدرجات مختلفة من التطور بين نسيج الخصية الطبيعي ، و تشكل تلك الحالة النسب المرتفعة لبروتين الفيتولوجينين الفوسفاتي في بلازما خلايا ذكور الأسماك مؤشر واضح يدل على تعرض هذه الذكور EDCs.

دراسات على سمك البوري سميك الشفاه:
تم إجراء دراسة على خمس مجموعات من سمك البوري سميك الشفاه ، و الذي ظهر فيه العديد من الأسماك ثنائية الجنس ، أوضحت تلك الدراسة أن الإفرازات الصفراء المأخوذة من الأسماك و عينات المياه المدروسة ؛ كشفت عن وجود نسبة كبيرة من مواد EDCs الناتجة عن مبيدات الآفات و غيرها ، و ساهمت تلك الملوثات زيادة حساسية مستقبلات معينة للهرمونات في ذكور الأسماك التي تعرضت لها ، و تم التأكيد على أن العلاقة الطردية بين كمية EDCs في عينات الصفراء و المياه ، و بين استجابة الأسماك الحيوية لها ، و بالتالي اكتساب هذه الذكور للصفات الأنثوية و ظهور الغدد التناسلية ثنائية الجنس.

الوسوم
تزاوج الحيوانات