من أجمل ما قال نابليون بونابرت ” إنك بالإبرة تستطيع أن تحفر بئرا” فطالما الطموح موجود فلا شئ من الممكن أن يعيق طريق النجاح، فطالما أن الإنسان مازال على قيد الحياة ويستطيع التنفس فيمكنه أن يصنع أحلامه وأن يكافح لتحقيقها مهما كلفته من مجهود، فلم يكن المرض أو الابتلاء عائق للنجاح والتميز بل هو حافز لصنع المستحيل، فعالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينج هو من أشهر العلماء الذين تفوقوا على مرضهم واستطاعوا أن يحفروا طريق نجاحهم بأيديهم، وتغلبوا على مرضهم، فالمعروف أن ستيفن هوكينج مصاب بالتصلب الضموري العضلي الجانبي والمعروف ALS والذي يقوم بشل كل عضلات الجسم ولم يستخدم إلا عينيه فقط، ومع ذلك فقد استطاع أن يملأ الغرب بكل أمل من خلال مؤلفاته ومحاضراته ونظرياته وسيرته، ولم يكن ستيفن هوكينج هو الشخصية المؤثرة فقط بل هناك شخصية أخرى يشرفنا أن يكون من المملكة وهو  ورجل الأعمال ” سلطان العذل” الذي أصيب بنفس المرض وعلى الرغم من ذلك إلا أنه استطاع أن يصنع ما لا يصنعه الأصحاء، فما هي قصة رجل الأعمال ” سلطان العذل” ؟ هذا ما سوف نورده في هذا المقال.

من هو ” سلطان العذل”؟
سلطان العذل هو أحد رجالات الأعمال البارزين في المملكة والذي استطاع أن يكون أملا جديدا لكل شاب في العالم كله، حتى استطاع أن يكون إحدى الشخصيات البارزة التي يشار إليها بالبنان، فقد استطاع أن يواجه مرض التصلب الضموري العضلي الجانبي بطموحاته ورغباته في النجاح، وبالعزيمة والرضا بحكم الله، فلم يعد لديه إلا حاستي السمع والبصر للاعتماد عليهما في حياته، وعلى الرغم من كل الصعوبات التي عاش فيها إلا أنه تمكن من إدارة عدة شركات في مجالات متنوعة، يعمل فيها أكثر من عشرة آلاف موظف وموظفة.

فقد تعلم رجل الأعمال سلطان العذل في معهد العاصمة بمدينة الرياض حتى المرحلة الثانوية، ثم أكمل دراسته الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة بورتلاند في ولاية أوريغون بجامعة بورتلاند في كلية هندسة ملتنوما، وقد حصل على درجة البكالوريوس تخصص الهندسة الكهربائية، وكانت رسالته الجامعية عن المفاعلات الذرية وحصل عليها بتقدير امتياز، ثم حصل على شهادة في تنظيم الوقت الأهم ثم مركز كوفي لتنمية المهارات القيادية، ثم حصل على شهادة في المتغيرات والمبادئ المحورية القيادية في القرن الحادي والعشرين في مركز فرانكلن كوفي.

ظروفه المرضية
كان رجل الأعمال سلطان العذل مثالا حيا للصبر وعدم الاستسلام للمرض فقد أصيب بمرض التصلب اللويحي العضلي الجانبي في عام 1997، والذي أدى إلى فقدانه القدرة الكاملة على الحركة والنطق باستثناء حركة العيني والشفتين، فقد جميع حواسه عدا السمع والبصر والإحساس، وليس هذا فحسب بل إنه يتنفس من خلال أنبوب تنفسي موصول بجهاز تنفسي صناعي ويتغذى بواسطة أنبوب تغذية يصل إلى المعدة بفتحة، وعلى الرغم من كل هذه الصعاب إلا أنه استطاع أن يتغلب على ظروفه الصحية بالإصرار والرضا بقضاء الله وقدره وأن يمارس حياته الأسرية والعملية بكل تفوق.

شركات ” سلطان العذل”
بدأ مشوار رجل الأعمال سلطان العذل العملي قبل أن يمرض وذلك بتأسيس شركة سمسا فيديكس للشحن السريع في عام 1994 حيث اتسعت شركته قدمت خدماتها لكافة القطاعات حتى أصبحت من أكثر الشركات نموا وانتشارا، حتى أنها أصبحت أوسع شبكة توصيل تخدم أكثر من 200 مدينة وقرية في المملكة، إضافة إلى أسطول سيارات كبيرة يزيد عن 1000 سيارة تجوب جميع أنحاء البلاد على مدار الساعة لتقديم خدمات الشحن، وعالميا تصل خدماتها إلى أكثر من 200 دولة حول العالم.

في عام 1996 كانت الانطلاقة الأولى لسلسلة محلات ” دانكن دوناتس” في الرياض ومنه إلى باقي أنحاء المملكة، وجاءت الفكرة حينما كان سلطان العذل في أمريكا حيث أعجب بفكرة تقديم الدونات بطعمها الرائع، فجاءت من هنا الفكرة للتعاقد مع الشركة والحصول على الامتياز الحصري والتوكيل لاسم دانكن دوناتس لتكون شركة شهية المحدودة، كما قام أيضا بتأسيس شركة مأكل العالمية المحدودة في عام 2009 وهي الشركة المتخصصة في مجال التغذية.

ومن ثم فإن الشركات التي يديرها الآن شركة “سمسا” للنقل السريع المحدودة (فيديكس)، شركة “شهية” المحدودة (دانكن دوناتس)، الشركة العربية لخدمات الأمن والسلامة المحدودة (أمنكو)، وهو أيضا عضو مجلس إدارة الشركة السُعُودية للتصدير، وعضو مجلس إدارة شركة “الرملة” للخدمات الطبية المحدودة (مركز العليا الطبي)، وشركة مَنْصُور جنرال داينامك.

مؤلفات سلطان العذل
لم يتوقف طموح وإبداع سلطان العذل عند هذا الحد فقط، بل استطاع أن يطوع حاسة البصر في تأليف الكتب على الرغم من حالته الصحية إلا أنه قام بتأليف كتاب عن تاريخ أسرته عن طريق جهاز خاص بمصابين هذا المرض، واستطاع فيه أن يعرف القارئ من هو صالح باشا بن محسن بن عذل وحياته والبيئة التي عاش فيها، وكان كتابه نموذج مهم لدور أسرة العذل في المجتمع السعودي، تأليف هذا الكتاب (النسخة العربية في عام 2007، وقبلها نسخة انجليزية في عام 2005) وهو في حالته المرضية، واعتمد في جمع معلوماته على المراجع التاريخية والوثائق ومعلومات من أفراد الأسرة ، وقد قام الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله بكتابة مقدمة هذا الكتاب واهتم بإخراجه.

كما كان له عدد من المؤلفات الأخرى ككتاب الإنسان والكوارث، ومجموعة من الأدلة المهنية الإدارية والفنية المتخصصة.

فرجل الأعمال الناجح ” سلطان العذل” قد استطاع أن يواجه مرضه بعزيمته وإصراره، فإن كان المرض تغلب على عضلاته وعطلها وألزمه الفراش، فإنه لن يقدر أن يتغلب على طموحاته وإرادته، ليثبت حقا أن لا يأس مع الحياة والتوكل على الله، وأثبت أن اليأس بضاعة المفلس أما الأمل فهو عنوان كل طموح.