يعاني ملايين المسلمين من الاضطهاد حول العالم ؛ حيث أن الإرهاب لا دين له ، وهو ما جعل بعض السلطات تعادي المسلمين في بعض المناطق ، وقد يصل الأمر إلى حد المجازر والتعذيب والمهانة والذل دون رحمة أو رفق ، وهو ما تعانيه الأقلية المسلمة من الإيغور في الصين ؛ حيث لم تدع السلطات الصينية أي وسيلة لاضطهادهم إلا واتبعتها.
من هم الإيغور
هم شعوب من أصل تركي ، ويتركز وجودهم بشكل عام في منطقة تركستان الشرقية ، والمعروفة باسم شينجيانغ التي فرضت الصين السيطرة عليها ، وتبلغ مساحة هذه المنطقة نحو 1/6 مساحة الصين ، كما أن لهم تواجد في مناطق جنوب وسط الصين ، وهم شعوب ينتمون إلى الدين الإسلامي ويتحدثون اللغة الأويغورية ، وهم يمثلون واحدة من ضمن 56 عرقية بجمهورية الصين الشعبية ، ولكنهم يشكلون أغلبية من المسلمين ذي الأصول التركية في إقليم شينجيانغ ؛ حيث يبلغ عدد سكان هذا الإقليم 22 مليون نسمة ومن بينهم 9 مليون ينتمون إلى مسلمي الإيغور.
معاناة الإيغور
لقد فُرض على مسلمي الإيغور العديد من القيود التي لم تُفرض على غيرهم من المسلمين الآخرين بالصين ؛ حيث يقوم الحزب الشيوعي الصيني بممارسة أنواع متعددة من الاضطهاد وفرض القيود على الإيغور ، ومن مظاهر هذا الاضطهاد هو حظر الصوم بالنسبة لأعضاء الحزب وموظفي الحكومة والطلاب والمدرسين خلال شهر رمضان المبارك ، كما فُرض حظر قسري على الأطفال كي لا يذهبوا إلى المساجد ، وتم كذلك فرض حظر لارتداء نساء الإيغور للحجاب بالأماكن العامة داخل الصين ؛ حيث تم فرض غرامة بلغت 353 دولار على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
ومن مظاهر الاضطهاد أيضًا القيام بقطع شبكة الإنترنت في كثير من الأحيان عن منطقة الإيغور ، كما تمت عملية إزالة لمواقع إلكترونية تابعة لناشطين من الإيغور ، وقد مُنع عنهم استيراد الكتب الإسلامية من خارج البلاد ، بالإضافة إلى منعهم من السفر من أجل الدراسة الدينية بالخارج ، وتثير هذه الانتهاكات الاحتجاجات والتي قد تتحول إلى صور عنيفة نتيجة للإجراءات الصارمة من قِبل الشرطة ، والتي تُخلّف العديد من الضحايا.
بداية الأزمة بين الصينيين والإيغور
لقد فرضت الصين سيطرتها على الإقليم الذي أطلقت عليه اسم شينجانغ منذ عام 1949م ، ويرجع تاريخ أعمال العنف بهذا الإقليم إلى سنوات عديدة مليئة بالصراعات ، أما عن أزمة فرض القيود ؛ ففي عام 2009م ظهرت احتجاجات مطالبة بالاستقلال عن الصين ، وقد راح أكثر من 200 شخص كضحايا لهذه المظاهرات الاحتجاجية ، وقد بدأت السلطات الصينية في فرض قيودها على الإيغور وتشديد الإجراءات الأمنية عليهم منذ ذلك الحين ، بالإضافة إلى أنها قامت بتفويض رجال الشرطة لقتل كل من يرونه إرهابي من وجهة نظرهم بهذا الإقليم ، وقد أتاحوا لرجال الشرطة استخدام كافة الوسائل التي تتاح لهم في مواجهتهم مع الإرهابيين كما يصفونهم ، وهو ما جعل الشرطة تسارع إلى قتل مسلمي الإيغور دون رحمة.
ومن الجدير بالذكر أن العلاقة بين الصينيين والإيغور قد أخذت طابع الكر والفر ، وذلك منذ أن تمكن الإيغور من إقامة دولة تركستان الشرقية ؛ حيث تمكنت من الصمود على مدار نحو عشرة قرون حتى انهارت قواها أمام الغزو الصيني خلال عام 1759م ، لتعود مرةً أخرى عام 1876م ؛ حتى لحقت بشكل نهائي بالصين الشيوعية عام 1950م ، وقد مرّ الإيغور بعدة ثورات طوال هذه المدة ؛ حيث أنهم نجحوا في بعض الأحيان في استعادة كيانهم ، ولكنهم سرعان ما سقطوا تحت سيطرة الصين ، ويُذكر أن مسلمي الإيغور قد واجهوا مجزرتين عظيمتين بالصين ؛ حيث قُتل منهم أكثر من مليون شخص عام 1863م ، ليرتكب النظام الشيوعي مجزرة أخرى عام 1949م راح ضحيتها أيضًا أكثر من مليون مسلم.