تعددت الوسائل البديلة التي تستخدم لحل المنازعات، والتي أصبحت تحظى باهتمام كبير على صعيد مختلف الأنظمة القانونية والقضائية، لما تقدمه من مرونة وسرعة في البث، وما تضمنه من مشاركة الأطراف في إيجاد حلول لمنازعتهم، بالإضافة إلى قلة تكلفتها وهذا من أهم النقاط لتميزها، ويُعد التحكيم والوساطة أحد أشهر تلك الوساطة.
عُرف التحكيم كمؤسسة اختيارية لحل المنازعات منذ عهود قديمة، حيث كان معتمدًا في مجتمعات مصر القديمة وبابل وأشور وعند اليونانيين والفيينيقيين، ولكن العرب اهتموا بالتحكيم في وقت مبكر مع ظهور مبادئ الحضارة العربية في شبه الجزيرة، وأقر الإسلام التحكيم لحل المنازعات.
المقصود بالوساطة والتحكيم
ويمكن توضيح كلا المعنيين للوساطة والتحكيم كما يلي :
تُعرف الوساطة بأنها لعقد الذي يتفق الأطراف بموجبه على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام الصلح من أجل إنهاء النزاع، الذي قد ينشأ فيما بعد، ويكون الهدف من الوساطة هو الوصول إلى الصلح بواسطة شخص ثالث وهو الوسيط.
التحكيم هو نزول أطراف النزاع عن اللجوء إلى قضاء الدولة وإلتزامهم بطرح النزاع على شخص أو أكثر لحسم النزاع بحكم مُلزم، ويقوم على فكرة أساسية هي إعطاء الحق للأطراف في نزاع ما بالإتفاق فيما بينهم على استبعاد القضاء في حل منازعاتهم، وإخضاعها لقضاة يختارونهم بأنفسهم.
ويُطلق على التحكيم تسميات فرعية حسب طبيعة المنازعة التي يراد الفرد الفصل عن طريقه، فإذا كانت المادة تجارية سُمي التحكيم تجاريًا، وإذا كانت مدنية سُمي التحكيم مدنيًا، أما إذا كانت المادة إدارية سُمي التحكيم إداريًا.
وتختلف أشكال التحكيم في المواد الإدارية، ويطرح أشكالًا خاصة بناء على الأنظمة التي تنهج نظام القضاء الإداري، وظلت في بداية الأمر ترفض التحكيم في منازعات العقود الإدارية بل تمنعها فقهًا وقضاء وتشريعًا.
لماذا يلجأ الأفراد إلى التحكيم والوساطة
التقاضي أمام المحاكم المختصة في القضايا المعنية في الكثير من الأوقات يعتبر من الحالات الأكثر تكلفة للتصدي لحالات معينة كالتعدي وخاصة في حالة تعرّض حقوق الشركات الصغيرة والمتوسطة من الملكية الفكرية إلى التعدي على يد عدد من المنافسين في ولاية قضائية واحدة أو أكثر، في تلك الحالة تحتاج الشركة إلى العمل على إنفاذ حقوقها في أماكن مختلفة وأمام محاكم مختلفة، وترغب لذلك السبب في الأخذ بآلية بديلة من أجل تسوية المنازعات، وتجد أن التحكيم والوساطة حلًا يوفر على الشركة المال والوقت.
تظهر الميزة في الوساطة في قدرتها على الحفاظ على العلاقات التجارية الجيدة مع الشركات الأخرى، والتي ترغب الشركة في التعامل معها في المستقبل.
متى يتم اللجوء إلى الوساطة
يتم التعامل بالوساطة أو التحكيم حسب أهمية القضية، باعتبارهما من الحلول البديلة الجيدة للتقاضي أمام المحاكم، وهي حلول لا تتاح بصفة عامة إلى في حالة النزاع حول حقوق الملكية الفكرية بين أطراف معينة في عقد مبرم، كالمرخص والمرخص له أو بين شركاء في مشروع مشترك، بعد الإتفاق على تفضيل اللجوء إلى الوساطة في حل النزاعات أو التحكيم بدلًا من القضاء، ويوصى المختصين بالاستعداد لإمكانية نشوب نزاع وتوفير السبل الكفيلة بتسويتها عند صياغة العقد الأصلي.
ذلك لأنه عند قيام أي نزاع، يصبح من الصعب أو من المستحيل أحيانًا الوصول إلى إتفاق واحد لتسوية النزاع بالوساطة أو التحكيم، وتفضل الشركة التواصل مباشرة مع المختصين لإنهاء النزاع بهدف مساعدة الطرفين على إحالة النزاع إلى مركز التسوية وفقًا لنظام الويبر بشأن التحكيم والوساطة والتحكيم المُعجل.
فالوساطة والتحكيم هما خياران بديلان جيدان، والوساطة هي أهقل تكلفة للإجراءات القضائية الرسمية على الأقل، ولكن ينبغي على الشركة العمل في إطار الاستراتيجية الممتبعة على إدراج بنود ملائمة في الاتفاقات المبرمة، وذلك حتى تتاح إمكانية التصدي للمنازعات المتعلقة بالملكية الفكرية.