إن ما أصبح يشغل المواطنين اليوم هو ارتفاع الأسعار والتدهور الملحوظ في الخدمات العامة المقدمة له، إضافة إلى هم راتبه الذي لا يلبي احتياجاته واحتياجات العائلة التي يعولها، حتى أصحاب النشاطات التجارية يشتكون من تراجع أرباحهم بشكل كبير. ولا يجد أمامه إلى محاولات يائسة لفهم الأخبار والتحليلات الاقتصادية المعقدة، التي لا تحل مشكلاته ولا تملأ جيبه .ويصبح تائها في دوامة الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد ولا يعرف متى يخرج منها. في هذا المقال سنقدم لقرائنا الأعزاء ، اسباب وعلامات الانهيار الاقتصادي.
أسباب وعلامات الانهيار الاقتصادي
الحكم على اقتصاد البلاد ، يأخذ بعين الاعتبار مؤشرات كثيرة لتحديد ما إذا كانت تمر بحالة من الانهيار الاقتصادي ، فيما يلي أهم اسباب وعلامات الانهيار الاقتصادي :
انخفاض الناتج الإجمالي المحلي
ويعبر هذا المؤشر عن القيمة السوقية للسلع والخدمات المنتجة محليًا في دولة معينة وخلال فترة زمنية محددة. ويقيس هذا المؤشر التباطؤ الاقتصادي والقدرة النقدية. ولا يمكن الاعتماد على نتائج الناتج المحلي الإجمالي بشكل دقيق في الحكم على اقتصاد دولة ما، وذلك لأنه الجودة الإنتاجية ولا عن استخدامات الموارد في النمو الاقتصادي. ويمكن حسابه من خلال الجمع بين القيمة المضافة للسلع والخدمات المباعة محليا.
ارتفاع نسبة التضخم
إن ارتفاع نسبة التضخم بشكل أكثر من اللازم، له عواقب وخيمة ويؤدي بشكل عام إلى زيادة فرصة الانهيار الاقتصادي فيها.
والذي يظهر من خلال تدهور القدرة التنافسية للمنتجات المحلية مقارنة بالمنتجات المصنعة في الخارج، ففي الواقع إذا أصبحت أسعار المنتجات المحلية أعلى من نفس المنتجات المصنعة في الخارج وبجودة مماثلة، يؤدي ذلك إلى انخفاض الصادرات، بينما يرتفع الطلب المحلي على المنتجات الأجنبية أي تزداد الواردات. والنتيجة ستكون انخفاض نشاط الشركات المحلية والذي من المحتمل أن يؤدي إلى تقليص حجمها وبالتالي زيادة نسبة البطالة.
وكذلك يعزز ارتفاع نسبة التضخم من عدم اليقين بشأن مستويات الأسعار في المستقبل. أيضا، تتبنى الشركات سلوكا استثماريا حذرا لأنه من الصعب توقع ربحية من الاستثمارات بشكل دقيق. وبالتالي، فإن التضخم المفرط يقلل من الاستثمار المنتج ومنه إمكانية النمو الاقتصادي. ويظهر اثر التضخم على القدرة الشرائية للمستهلكين ، حيث تنخفض بزيادة الأسعار إذا لم يتم زيادة نسبة أجورهم بما يتناسب مع نسبة التضخم.
ارتفاع نسبة البطالة
ترتبط البطالة بالنمو الاقتصادي ارتباطا عكسيا، فكلما كان ارتفاع نسبة البطالة أقل كلما عبر هذا عن النمو الاقتصادي بلد معين. على الرغم من أن هذه العلاقة يدخل في تحديدها عدد كبير من المتغيرات مثل الإنتاجية، وقت العمل، المرونة وتكلفة اليد العاملة إضافة إلى عدد السكان النشطين، وهيكل البطالة والعمالة. والتسارع القوي والدائم للنمو الاقتصادي من المرجح أن يكون له تأثير كبير على انخفاض معدلات البطالة، وعلى العكس ينبأ ارتفاع نسبة البطالة بالانهيار الاقتصادي.
عجز ميزانية الدولة
تشكل الميزانية و السياسة النقدية للدولة جنبا إلى جنب، واحدة من الأعمدة الرئيسية لسياسة الدولة الاقتصادية. وتعتمد الميزانية على استخدام بعض الأدوات مثل الإنفاق العام ، الدين العام، والرسوم الضريبية للتأثير على الوضع الاقتصادي للدولة. حتى سنة 1930 ميلادي ، كانت الإدارة المالية العامة الهدف الرئيسي الذي يمكن من خلاله ضمان تمويل الخدمات العامة ولم يعتبر إنفاق الدولة كعامل متغير يدخل في قياس مستوى نشاطها الاقتصادي. إلى أن حلل الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز تأثير سياسة الدولة الاقتصادية على المستوى العام لنشاط الاقتصادي لها، مما أوضح علاقة عجز ميزانية الدولة بالسياسة المالية وبالتالي بالانهيار الاقتصادي.
الدين القومي العام
لا يمكن تجاهل التأثير الضار لدين القومي على معدلات نمو الاقتصاد ، حيث تؤدي زيادة الدين القومي العام لبلد معين الى تقلبات في سياسة الإنفاق وبتالي نمو أقل في الاقتصاد. كما أن العجز عن دفع هذه الديون أو حتى تقليصها لا يولد فقط التبعية السياسية لهذه البلدان بل قد يؤدي إلى الانهيار الاقتصادي الحتمي.
ويرتبط الدين القومي العام لدولة ما بحجم اقتصادها، فنجد بعض الدول القومية مثل اليابان مثلا ، لديها دين قومي كبير مقارنة بدول أخرى. ولكن الفرق هنا يكمن في مدى قدرة هذه البلدان بسد الدين والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بحجم صناعتها وهيكلة اقتصادها والذي كلما كان قوي كلما كانت قادرة على تسديد الدين القومي العام بسهولة.
تراجع التصنيف الائتماني
يمكن التمييز بين أنواع من التصنيف الائتماني، فنجد الخاص منه بالشركات ، والمستثمرين وأخر بالدول. ويعبر تراجع التصنيف الائتماني للدولة لعجز اقتصادها في جلب رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية التي تعمل على زيادة السيولة وتساهم في بناء المشاريع التنموية. من ذلك ، فإن تراجع التصنيف الائتماني يزيد من خطورة وفرصة الانهيار الاقتصادي للدولة ويعكس عدم قدرتها أو تخلفها عن سداد ديونها.
مؤشرات البورصة
تعتبر مؤشرات البورصة معيارا أساسيًا في تحديد الحالة الاقتصادية لدولة معينة. حيث أنه أول العلامات المبينة والمؤكدة لحدوث الانهيار الاقتصادي وانهيار سوق البورصة ، الذي ينتج عنه تدهور في القطاع المصرفي وخسائر كبيرة في الأموال العامة للدولة، يقودها الى حالة من العجز تأثر على جميع القطاعات الأخرى في الدولة.