كانت في الأساس كلاً من سقطرى ، و المكلاً ، وحضرموت ، و المهرة تحت راية إمام سلطنة عمان ، و ذلك منذ القدم ، و يذكر التاريخ العماني أن الأحباش بحقدهم الصليبي ، و عنفهم ، و همجيتهم قاموا بالهجوم على جزيرة سقطرى ، و هذا دون علم إمام عمان وقتها الصلت بن مالك الخروصي ، و الذي كان قد تولى أمر عمان في خلال عام 237 هـــ ، و بالتحديد بعد وفاة الإمام المهنا بن جيفر اليحمدي .

و جدير بالذكر أنه قد شهد بيعته بالإمامة مجموعة كبيرة من أهل عمان ، ووجهائها مثال الفقير محمد بن محجوب ، و الذي يعتبر من أشهر علماء عمان في القرن الثالث الهجري علاوة على الشيخ محمد بن علي القاضي ، و سليمان بن الحكم ، و الوضاح بن عقبة ، و ما إلى غير ذلك من شخصيات عمانية من أصحاب الحل ، و العقد ، و الذين قدموا البيعة بالإمامة للصلت بن مالك الخروصي .

بطولة العمانيين لتحرير سقطرى :- بدأت الأحداث عندما قام الأحباش بالهجوم على جزيرة سقطرى إذ قاموا بقتل الكثير من أهلها ، و عاثوا فيها فساداً ، و تدميراً لدرجة أنهم أحرقوا مساجدها ، و استباحوا نسائها ، و في هذا الصدد يشير الشيخ نور الدين السالمي رحمة الله عليه إلى قيام النصارى بنقض العهد القائم فيما بين المسلمين ، و المسيحيين وقتها إذ يقول ” ونقضوا ما بينهم وبين المسلمين من عهد وهجموا على سقطرى ، و قتلوا والي الإمام الصلت عليها ، و معه فتية ثم سلبوا ، و نهبوا ما استطاعوا ، و أخذوا البلاد قهراً فكتبت امرأة تدعى الزهراء السقطرية قصيدة إلى الإمام الصلت بن مالك تطلب منه النجدة بكل أسى ، و لوعة .

و بالفعل زلزلت قصيدة الزهراء السقطرية الإمام الصلت بن مالك ، و أشعلت ضميره المنتصر لكل مظلوم حين قرأت عليه فأجابها الإمام ، و قام بجمع أبطال عمان ، و رجالها الصناديد ، و مقاتليها حيث جهزهم تحت قيادة محمد بن عشيرة بالعلاوة إلى سعيد بن شملال ، و أوصاهم بوصيته الشهيرة ، و التي قد أودع فيها ما وجب مشمولة بأكثر مما عدده 35 أية قرآنية بالإضافة إلى الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة ، و المسائل الفقهية ، و المواعظ التي تعني بالحروب .

و مما قاله في وصيته ( و لا تعرضوا لأحد ممن جاءكم تائباً ، و مستأمناً مستسلماً  بسفك دمه ، و لا تنتهكوا حرمته ، و لا تسبوأ ذريته ، و لاغنيمة ماله ، و ليكونوا مثلكم أمنين ، و أحفظوهم ألا يرجعوا إلى هرب من أيديكم بل أمروهم أن يبعثوا إلى من ورائهم بإحضار جزية هؤلاء ، و الذين قد أمنتموهم في الماضية ، و لا يعلموا بما يريدوا فيهم فإن جاء الذين وراءهم كما جاء هؤلاء ، و ألقوا بأيديهم فأقبلوا ذلك منهم ، و خذوا جزية من وصل إليكم منهم .

و أما من تخلف ، و أراد أن يبعث بجزيته ، و يقيم في منزله على حدثه فلا تقبلوا ذلك منهم ، و من صار منهم إلى امانكم ، و عهدكم فليكونوا في أسركم أمنين ، و أحسنوا إليهم في طعامهم ، و شرابهم ، و أمنعوهم ممن أراد بهم الظلم حتى توصلوهم إلى والي المسلمين إن شاء الله تعالى ، و قد ضمت الوصية العديد من الوصايا ، و التي لا تدل الأعلى تقوى ، و صلاح هذا الإمام ، و التزامه الإسلامي ، و الأخلاقي ، و إتباعه لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .

و بالفعل انطلقت أساطيل أهل عمان متجهة إلى تحرير سقطرى من ظلم ، و جور ، و همجية الأحباش النصارى ، و كان ذلك فيما عدده 100 سفينة مثلما ذكر الشهير (عمان عبر التاريخ) ، ووصلت الأساطيل العمانية حاملة راية عمان البيضاء إلى سقطرى المحتلة ففرح أهلها فرحاً شديداً ، و بدأ الرعب ، و الخوف يدخل إلى نفوس المحتلين الأحباش ، و هم ينظرون إلى أبطال عمان ، و توافدهم على شواطئ الجزيرة ، و مناداتهم حي على الجهاد .

و ما لبث أن أنقض العمانيين على الأحباش الغزاة ، و استطاعوا الانتصار عليهم ، و دحرهم بل ، و حرروا جزيرة سقطرى منهم ، و ارتفع صوت الآذان مرة أخرى في الجزيرة ، و علا في ربوعها ، و نصر المولى جل شأنه أهل عمان ، و إمامهم الصالح الصلت بن مالك ليعود الإسلام ، و الاستقرار ، و الأمان مرة أخرى إلى جزيرة سقطرى ، و بفضل تلبية هذا الإمام العماني لنداء المرأة السقطرية .