إن التطور الطبيعي الذي يحياه الإنسان في شتى المجالات أنتج ما يسمى بالبورصة أو بسوق الأوراق المالية، وهي سوق حقيقية يتم فيها البيع والشراء والتداول ولكن ليس للسلع والمنتجات، وإنما للأوراق المالية على هيئة أسهم وسندات.

والبورصة مطمح للكثير من المستثمرين ورجال الأعمال لكي يتاجروا خلالها يربحوا أموالا طائلة، إلا أنها في كثير من الأحيان تكسر طموحاتهم تلك وتكبدهم خسائر فادحة لاسيما إذا لم يكونوا بالقدر الكافي من العلم والتخصص والخبرة في هذا المجال، لأنها تحتاج لمعرفة قوية بطبيعة التداول المالي، وأي بيانات خاطئة أو غير دقيقة أو سوء تقدير لتلك البيانات يترتب عليه مالا يحمد عقباه.

أصل كلمة “البورصة”
بالطبع نلاحظ أنه اسم غريب وغير عربي على الإطلاق رغم انتشاره عربيا بنفس ذات الإسم، ولكنه في الحقيقة يرجع إلى اسم عائلة فان در بورصن (Van der Bürsen) وهي عائلة بلجيكية كانت تتخصص في مجال العمل المصرفي والتعامل مع البنوك، وفي تلك الأثناء لجأت تلك الأسرة التي كانت تمتلك فندقا ضخما إلى تحويله لملتقى كبير يلتقي فيه التجار المحليين في فترة القرن الخامس عشر، وبدأ هذا الفندق في نيل حظه من الشهرة، وبمرور الزمن أصبح اسم الفندق “بورصن” رمزا لسوق رؤوس الأموال وانتشرت الكلمة في جميع أنحاء العالم، وأصبحت كلمة “البورصة” تتداولها الألسنة في منتصف القرن السادس عشر تقريبا.

فوائد أسواق المال
1- توفير السيولة المالية الكافية لتبادل الأسهم: كان في الماضي لابد لكل شخص يريد أن يبيع سهما ما يملكه بأحد الهيئات والكيانات أن يوفر سماسرة ووسطاء يضمنون إاتمام تلك العملية بسهولة، بينما الآن يتم الاحتكام إلى سوق البورصة التي تضمن إنهاء تلك الإجراءات عبر نظم عملها التقنية الحديثة.

2- تسهيل عمليات التوسع ونقل الملكية بين الشركات: تعتبر البورصة مكانا آمنا يوفر خدمات بيع الأسهم ونقل الملكيات من شخص لآخر ومن كيان لآخر بكل سهولة ومرونة، ومن أساليب نقل الملكية والتوسعات ما يسمى بالاستحواذ وهو سيطرة شركة كبرى على أخرى منافسة لها مع إمكانية تغيير اسمهات القديم ليكون نفس اسم الشركة المالكة الجديدة، وكذلك من نظم نقل الملكية ما يسمى بتوسيع الخطوط الإنتاجية وزيادة الحصة السوقية والاندماجات وغير ذلك الكثير.

التشجيع على الاستثمار
تعتبر البورصة من الأماكن المغرية للمستثمرين وكل من يملك رؤوس أموال للعمل على استثمارها والتربح من ورائها بدلا من إيداعها في البنوك بعوائد فائدة منخفضة.

فالبورصة تتيح لمن يملك رأس المال أن يستثمره في أي من القطاعات الاقتصادية المختلفة، والحقيقة أن البنوك والمصارف تشجع على تلك العمليات الاستثمارية عبر تخفيضها لفوائد وأرباح الإيداعات، كما يتم تخفيض الضرائب للمستثمرين وفي كثير من الأحيان إعفائهم منها لفترة معينة في البداية كتشجيع لهم، والعمل على مساعدتهم على تسويق منتجاتهم وتدريب من يحتاج منهم للتدريب وتوفير فرص تسويق مناسبة لهم في أسواق جديدة.

إقراض الحكومة والشركات بموارد نقدية مباشرة
تساهم البورصة بشكل كبير في إقراض الحكومات والشركات المتعثرة أو تلك التي تريد تطوير كيانها أكثر، ويتم ذلك من خلال أموال المستثمرين عبر البورصة، ويكون هذا مقابل أن تطرح الحكومات أو الشركات أسهمها للبيع أو ما يسمى بالسندات.

إعادة توزيع الثروات على مختلف طبقات المجتمع
الحقيقة أن تلك الإيجابية ليست واقعية بالقدر الذي يروج له الاقتصاديون، إلا أنهم استدلوا في رؤيتهم تلك على أن المكاسب الناتجة عن المضاربة في البورصة تساعد في تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

كل تلك المميزات وإن كانت مغرية جدا إلا أنها يقابلها الكثير من الاعتراضات كذلك خاصة من غير ذوي الخبرة ومن يخشون المضاربة فيها بأموالهم، لكنها تبقى في النهاية واقعا ساعد كثيرا في الرواج المالي والاقتصادي وتنشيط السوق الاستثماري في البلاد.