هناك خمسة سلبيات رئيسية تترتب على المضاربة فيما تسمى بأسواق المال أو البورصة، تلك السلبيات إلى الآن جعلت الكثيرين في خوف وترقب عند التعامل مع هذه الكيانات، وتلك الأسباب هي :

1- كل ربح يقابله خسارة
لابد لنا في البداية أن نعرف الفرق بين الاستثمار في شركات ومشروعات ما بهدف تشغيل رؤوس الأموال في إنتاج سلع وخامات ما لبيعها والتربح منها، وبين شراء أسهم وسندات والعمل على ترويجها والربح منها، فالأولى مكسبها في الغالب مضمون أن كل من يشارك بأمواله في إنتاج سلع ما وبيعها يكسب، بينما البورصة وأسواق المال لابد أن تكون لكل عملية ربح ما يعادلها من خسارة للطرف الآخر الذي باع أو اشترى.

ولكن هناك أيضا طرف في تلك العملية يكون رابح دائما، وهو إدارة البورصة تلك، بالإضافة للوسطاء الماليين الذين ينظمون بيع أو شراء وتداول الأسهم.

2- غياب السيولة عن الاقتصاد
من السلبيات التي تترتب على عملية التبادل في أسواق المال تلك، هي غياب النقد الحقيقي عن السوق وبالتالي انخفاض قيمة العملات المتداولة بشكل كبير، ويكون ذلك ناتجا عن أنه عند ارتفاع نسبة الربح في الأسواق المالية يتجه الكثيرون للمضاربة ويضعون أموالهم الحقيقية في تلك السوق لعلهم يتربحون منها، وفي المقابل يسحبونها من السوق الحقيقية.

وهذا يعني أنه قد يكون هناك مستثمرون ورواج مالي واقتصادي كبير، وبالرغم من ذلك لا تجد في السوق إلا قدر قليل من المال لدى التجار وأصحاب المحال والشركات والمصانع، مما يعكس صورة خادعة ومغايرة عن الوضع الاقتصادي في البلاد.

والفرق بين السوقين، أن الفئة الأولى تتاجر في الأموال ذاتها (أسواق المال)، بينما الفئة الثانية تتاجر باستخدام المال في سلع ومنتجات وخدمات محسوسة وملموسة.

3- الأسواق المالية مختلفة عن الواقع
من أبرز سلبيات أسواق المال أنها تختلف كثيرا عن الواقع ولا تمثله في شيء، بل وتحتاج كذلك للكثير من الكذب والغش والخداع من أجل الربح.

وكما يقول خبراء الاقتصاد أنك ليس من الضروري أن تكون مالكا لأسهم شركة ناجحة ليشتريها المضاربين، ثم يظهر على أساسها الربح، ولكن الربح الحقيقي يتمثل في أن تكون مالكا لأسهم شركة ركيكة ضعيفة الربح والمميزات، ثم تقنع المستثمرين والمضاربين أنها أسهم جيدة وقوية وبإمكانها الربح والتقدم، وبالتالي يشتري الكثيرون منك بأسعار عالية رغم قلة قيمتها، ومن ثم تحقق أرباحا عالية من لا شيء.

4- نفور المستثمرين عن الاقتصاد الحقيقي
أحد أبرز سلبيات أسواق المال أنها تجعل الكثير من المستثمرين كسالى وغير جادين في عملية الإنتاج الحقيقي التي تعتمد على شراء المواد الخام وعمليات التصنيع والتوظيف والبيع …. إلخ، ويلجؤون للربح السهل عبر قرار البيع أو الشراء بكل بساطة وهم جالسون في مكاتبهم لا يحركون ساكنا ولا يحدثون رواجا اقتصاديا بحق، وعليه تتضرر السوق المحلية وتنتشر البطالة وما يعقبها من جرائم.

5- خسارات فادحة وتشتت الأسر
من أبرز سلبيات البورصة أنها تختلف عن السوق المحلي العادي في أن الربح فيها مبالغ فيه وكذلك الخسارة مبالغ فيها بشكل كبير، وبالتالي قد تنتج عن تلك الخسارة في الظروف الطبيعية صدمات عصبية رهيبة وخسارة اموال طائلة يكاد يكون صاحبها ظل يجمعها طوال حياته، وبالتالي قد يخير أسرته ويتشتت أطفاله وقد يتعرض للسجن نتيجة ديون إلى غير ذلك من نتائج الخسارة.

6- الحاجة لخبرة كبيرة
المضاربة في أسواق المال ليست كغيرها من الأسواق العادية التي تحتاج فقط لمعرفة بأسعار البضائع والسلع وتجهيز محل مناسب وما إلى ذلك من معلومات تجارية، بينما أسواق المال تتطلب معلومات قوية تتعلق بالاقتصاد وأسواق المال والأسهم والسندات، وتحتاج متابعة دورية لأسعار البيع والشراء؛ وهذا يتطلب التعامل مع وسطاء متخصصون في هذا المجال يطلبون لأنفسهم أموالا طائلة أيضا.