حروف الجر هي مجموعة من الأدوات تدخل على الكلمة التي تليها إما بالجر المباشر لما بعدها فتؤثر بجره بالكسرة أو تلك التي تضاف إلى ما بعدها وبالتالي تكون مضافًا وما بعدها مضافًا إليه ويجر بالكسرة أو ما ينوب عنها، وسميت بهذا الاسم لأن عملية النطق بها تكون مقترنة باسم معين يرافق حركة ما بعده، أي يكون الانسحاب في الفك الأسفل إلى الأمام عند لفظها، وفي حالة الكتابة تلحق حركة الكسر آخر الاسم المقترن بها.
أمثلة على حروف الجر من القرآن
تتعدد أسرار حروف الجر في القرآن الكريم، وتختلف حروف الجر ومعانيها فيمكن الوقوف عند كل كلمة من معاني القرآن الكريم التي تسبقها حرف جر، لاستخراج كافة المعاني والفوائد، ويفيدنا ذلك عند عمل بحث عن حروف الجر ومن الأمثلة على ذلك :
الحرف من في قوله سبحانه وتعالى ” والله من ورائهم محيط “، حيث جاء الحرف بعدة معاني أشهرها الدلالة على الابتداء، ويمكن توضيح ذلك من خلال الأمثلة التالية :
– انطلق المجاهد مِنْ المسجد.
– انطلق المُجاهد إلى المسجد.
حيث أنه في الجملة الأولى أفادت أن بداية الانطلاق كانت من المسجد، وفي الجملة الثانية أفادت أن نهاية فعل الإنطلاق كان في المسجد، وفي كلاهما يدل على أن من تفيد معنى الابتداء للفعل الذي تتعلق به بينما حرف إلى يفيد معنى الانتهاء.
تشير كلمة من في الآية السابقة إلى تعلقها بالمحيط أي أن بداية الإحاطة بهم كانت من وراء المجرمين، فليس الحديث مجرد الإحاطة بل إحاطة تامة تبدأ من خلفهم.
والمثال على ذلك ” ولد يرتكب شيء خطأ بخلسة، ويتسلل بحذر لغرفة والده وقلبه يخفق وأعصابه مشدودة، ويرتجف، وخانته أرض قدمه ويخشى من العار في حالة لقى والده، ويمد يده ليسرق مالًا فتأخذه السكرة وينسى الرهبة ويطمئن وهو يعد المال، ويخيم عليه الهدوء وينسى أي شيء، وإذا فجأة والده يتسلل من خلفه ويقترب إليه وهو لا يشعر به ويفتح جناحيه من خلفه ويكشر عن أنيابه ويهيئ زئيره ويبرق نظره ويحيطه بكل أركانه من ورائه، فهذا المشهد فيه كم كبير من الرعب والفزع لهذا الولد”.
يشير الحرف من أيضًا إلى دلالة عظيمة فهو ليس المقصود به إحاطة الكفار فقط، بل إحاطة تبدأ من ورائهم، حيث أن لله المثل الأعلى.
معاني حروف الجر ل ” من “
ـ للتوكيد: عندما تكون زائدة (مسبوقة بنفي أو استفهام)، مثل: “هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ”، “ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ”.
ـ الظرفية: عندما تتضمن معنى (في)، مثل: “إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ”، “أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ”.
ـ الابتداء الزماني، مثل: “لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ”.
ـ الابتداء المكاني، مثل: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ”.
ـ التبعيض، مثل: “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا”.
ـ البدل، مثل: “أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ”.
ـ بيان الجنس: “وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ”.
ـ السببية، مثل: “مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا”.
ـ المجاوزة (بمعنى عن)، مثل: “يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا”.
ـ بمعنى الباء، مثل: “يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ”.
ـ بمعنى (على)، مثل: “وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا”.
معاني حرف الجر حتى
تأتي للإنتهاء إلى، كقوله تعالى { سلامٌ هيَ حتى مَطلَعِ الفجر }، قد يدخل ما بعدها فيما قبلها مثل “بَذَلتُ ما لي في سبيل أُمَّتي، حتى آخر دِرهمٍ عندي “، وقد يكون غيرَ داخلٍ، كقوله تعالى {كلوا واشربوا حتى يَتبيّن لكمُ الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود من الفجر}، فالصائم لا يُباحُ له الأكلُ متى بدا الفجر.
معاني الكلمات للحرف إلى
ـ الانتهاءُ، ويعني انتهاءُ الغايةِ الزمانيّة أو المكانيّة. فالأولُ كقولهِ تعالى { ثُمَّ أَتِمُّوا الصيامَ إلى الليل }، والثاني كقولهِ { من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى }.
ـ المصاحبةُ، أي معنى “معَ” كقوله تعالى { قال مَن أنصاري إلى الله } أي معهُ، وقولهُ { ولا تأكلوا أموالَهم إلى أموالكم }، ومنهُ قولهم “الذَّوْدُ إلى الذَّوْدِ إبلٌ”، وتقولُ “فلانٌ حليمٌ إلى أدبٍ وعلمٍ”.
ـ تأتي بمعنى “عند”، وتُسَمّى المُبَيّنَة، لأنها تُبينُ أن مصحوبها فاعلٌ لما قبلها. وهي التي تقعُ بعدَ ما يفيدُ حُباً أو بُغضاً من فعل تعجّبٍ أو اسمِ تفضيلٍ، كقوله تعالى “{ قال رب السّجنُ أحَب إليَّ مِمّا يدعونني إليه }”، أي أحبُّ عندي.