انتقل الانسان من الحياة البدائية التي كان يعيشها في الغابات معتمداً على ما تعطيه الطبيعة حوله إلى حياة الاستقرار في مجموعات بشرية فأصبحت كل مجموعة تنتج ما يتناسب مع محيطها فمنها من اعتمد على الزراعة وأخرى على ما  يربي من ثروات حيوانية  ومنها على الصيد وأخرى على الصناعات اليدوية  فنشأت الحاجة الى تبادل كل مجموعة مع الأخرى لما تنتجه  لكي تكمل احتياجاتها في الحياة و نتيجة لذلك كان هناك حاجة إلى وجود طريقة لتبادل هذه السلع والحفاظ على قيمتها فأخذوا يستعملون أشياء ذات قيمة لتبادل السلع المتوفرة لكن المشكلة التي واجهت الناس آنذاك أن هذه الوسائل لا تتجزأ وهي قابلة للتلف والخسارة وتفقد أهميتها مع مرور الوقت وصعبة النقل و الحمل فمثلاً في بلاد اليونان اعتمدوا قيمة الثيران حين استخدم الأفارقة و الهنود الحمر الودع و الصدف الأحمر بينما اتفق الصينيون على استخدام المحار كوسيلة للتبادل بشكل رسمي  إلى أن ظهر مفهوم العملة فتبادل القدماء البضائع و المنتجات بواسطة الأشياء الثمينة المتوفرة بين أيديهم و أطلقوا عليها اسم العملة فقد استخدموا الأحجار الكريمة و أنياب الفيل و الفراء و الجلود بالإضافة إلى التبغ و السكر و أشياء أخرى ذات قيمة لديهم و من ثم استعملوا المعادن الثمينة كوسيط في عمليات البيع و الشراء و المبادلات التجارية ثم ظهرت العملة المعدنية في القرن الرابع قبل الميلاد و هكذا اتجه التفكير البشري إلى اعتماد مادة تجمع بين البقاء و المنفعة فكان استخدام المعادن حيث أنها سهلة الحفظ و طويلة العمر و ذات معيار ثابت كما يمكن تجزئتها بالإضافة إلى سهولة حملها من مكان إلى آخر ، فلاقت هذه الطريقة قبولاً بين الشعوب و هكذا تم استخدامها في البداية من قبل أشخاص يملكونها قاموا بنقش أسمائهم عليها ثم اتخذت الطابع القانوني فأصبحت مختومة بختم رسمي من قبل الدولة لمنع الغش أو التزييف  في الفضة و الذهب ، فبدأت عملية صك النقود و كانت عملية صك النقود غير مأجورة ثم بدأت الدولة بقصد تعزيز السلطان بشراء المعادن و استخدامها من قبل السلطات بشكل رسمي و ضربها لحسابها الخاص وتحديد عيار و وزن لها ثم تطورت الأمور و نُظمت و أحدث علم خاص  لدراسة هوية النقود و وزنها و الأختام و الأنواط المتعلقة بها سمي علم ” النمنمات ” و هو علم قائم بحد ذاته الآن  يختص بهوية النقود و هكذا كانت هذه الخطوات الأولى الحقيقية لاختراع النقود و صكها .

صك العملات في بدأ التاريخ  : صكت النقود لأول مرة من معدني الذهب و الفضة في عهد الملك كرويسيوس الليدي (561-546 قبل الميلاد) في آسيا الصغرى المعروف باسم قارون عند العرب . و طبعاً انتقلت عن طريق التجارة و الرحلات التجارية إلى جميع أنحاء العالم . فاتخذت كل دولة رمزاً خاصاً بها و نقشته على نقودها لتمييزها عن غيرها كما هو الحال في العالم العربي والإسلامي حيث نقشت على عملتها شهادة التوحيد ( لا اله الا الله وحده لا شريك له ) و كان العرب القدماء كالعادة سباقين الى صك النقود بطريقة بسيطة فاستخدموا أقراص معدنية تصهر و توضع فوق السندان و يطبع فوقها قالب محفور عليه الرسم المطلوب نقشه ثم يضرب بواسطة مطرقة فيطبع الرسم على القرص و هكذا اتبعهم سكان بحر إيجة ثم الاغريق ثم بلاد حوض البحر المتوسط و بلاد فارس و الهند أما أول نظام نقدي متطور فقد كان من قبل البابليون في الشرق الأدنى حيث أقاموا المصارف و المدخرات ليأتي بعدهم اليونان و الرومان و مع مرور الوقت نظمت النقود تحت قواعد تحدد قيمتها و صكها و التعامل بها ، و هكذا أصبحت النقود أهم اختراع بشري ليقوم عليه الاقتصاد و التجارة في العالم و هي تعد هوية للشعوب التي تستعملها وتحمل جزئاً من تاريخها و حضارتها .