الحيوانات هي كائنات حية تشعر بكل شيء حولها، تفرح وتحزن وتتألم لكن الشيء الذي يجعلها تختلف عنا هي أنها لا تستطيع التعبير عما تشعر به، منذ قديم الأزل والإنسان والحيوان جنسان مترافقان، فالإنسان يعتمد على الحيوانات بشكل كبير جدا، فالحيوان يستطيع مساعدة الإنسان في الزراعة وفي النقل كما أنها توفر للإنسان نوع جيد من البروتينات يمكنه أن يتغذى عليه.
ماذا نعني بالرفق بالحيوان
هناك عدة جهات عرفت موضوع الرفق بالحيوان فنجد أن تعريف الرفق بالحيوان في القاموس البيطري الشامل سوندرز هو الابتعاد عن استخدام واستغلال الحيوانات بواسطة البشر، ووضع ضوابط مناسبة لتغذية الحيوانات ورعايتها الصحية والابتعاد عن إيذائها أو التسبب لهاب الألم دون سبب، وعرف دونلد برود رعاية الحيوانات بأنها هي حالة الحيوان ومحاولته للتأقلم مع البيئة المحيطة به.
أما الرفق بالحيوان طبقا لتعريف الدين الإسلامي فهو معاملة الحيوان بطريقة حسنة وتوفير الطعام والشراب والمأوى ورعايته الصحية وعلاجه إذا احتاج الأمر لذلك في حياته، وعدم تعذيبه في حالة ذبحه لتناوله كغذاء.
الحيوان في الإسلام
الدين الإسلامي دين شامل ولم يترك أي مجال إلا وأرشد أتباعه لطريقة التعامل الصحيحة في هذا المجال، ولقد حث الدين الإسلامي إتباعه على رعاية الحيوانات بل ووصفها بأنها نعمة من نعم الله علينا ويجب أن نحفظها وأن نشكر الله عليها كي لا تزول، بل إن هناك سور في القرآن الكريم بأسماء الحيوانات مثل سورة الأنعام وسورة البقرة وسورة النحل وسورة الفيل وسورة العنكبوت.
ولقد وازن الدين الإسلامي بين الرحمة بالحيوان وعدم الإضرار بمنفعة البشر، حيث لم ينهى الإسلام إتباعه عن الاستعانة بالحيوانات كما يدعى بعض من يرون أن استغلال الحيوانات يضر بحقوقها، لكن الإسلام وضع شروط صارمة في استخدام الحيوانات سواء في الزراعة أو النقل أو حتى في الأكل، فالإسلام لم يغفل حاجة الإنسان للحيوان ولم يسمح بالقسوة على الحيوانات وتعذيبها أو استخدامها بأسلوب نفعي مطلق .
ولقد روى الإمامان البخاري ومسلم عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم- قال: “بينما رجل يسوق بقرة، إذ ركبها فضربها، فقالت: إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث”، ومعني هذا الحديث أن الحيوانات تعرف الأمر الذي خلقت من أجله بعد عبادة الله .
أدلة الرفق بالحيوان في الإسلام والحث عليه
هناك عدة آيات قرآنية وأحاديث نبوية تحضنا على الرفق بالحيوانات ومعاملتها معاملة حسنة، ونذكر من هذه الأدلة ما يلي:
أولا القرآن الكريم
- قال تعالى ” الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّىٰ كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَىٰ سورة طه
- قال تعالى ” وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ” سورة النازعات
- ومن الآيات التي تعلمنا كيفية استخدام الحيوانات قوله تعالى ” أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ( 71 ) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ( 72 ) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ ( 73 ) سورة يس.
- قال تعالى ” وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (7)وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (8) سورة الأنعام
- قال تعالى ” أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ” سروة الأنعام
ثانيا الحديث الشريف
- قال عليه الصلاة والسلام : “بينما رجل يمشى فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من شدة العطش قال: لقد بلغ هذا الكلب مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى القلب! فشكر الله له، فغفر له” قالوا يا رسول الله! وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر”.
- قال عليه الصلاة والسلام : “دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض”
- قال عبدالله بن مسعود: “كنا مع رسول الله في سَفَر، فرأينا حمرةً، أي: طير يشبه العصفور، معها فرخان لها، فأخذناهما فجاءت الحمرة تعرِّش، أي: ترفرف بجناحيها، فلما جاء رسول الله صلّ الله علىه وسلم قال: ” مَن فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها”، ورأى قرية نمل قد أحرقناها فقال: “مَن أحرق هذه؟”، قلنا: نحن، قال: “إنه لا ينبغي أن يُعذِّب بالنار إلاَّ ربُّ النار
صور من حياة الصحابة الكرام والرفق بالحيوان
- روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعالج الحيوانات بنفسه فكان يدخل يده في دبر البعير من أجل علاجها ويقول أخاف أن يسألني الله عنها، وكان رضي الله عنه يمهد الطرق ويقول لو تعثرت بغلة بالعراق لسألني الله عنها لما لم تمهد لها الطريق يا عمر.
- وسيدنا أبوهريرة أسمه عبدالرحمن بن صخر واشتهر بين الناس بهذه الكنية لأنه كان يحمل الهرة في كمه.
كيف يكون الرفق بالحيوان في الإسلام
أوضح الإسلام لأتباعه عدة شروط لاستخدام الحيوانات منها:
- عدم تحميل الحيوان فوق طاقته ووجوب التخفيف عنه.
- عدم إجهاد الحيوانات بفترات العمل الطويلة.
- توفير الغذاء والشراب للحيوانات بالقدر الذي يكفيها.
- عدم ضرب الحيوانات بشدة.
- عدم التبول من فوق ظهور الدواب.
- النهي عن تعذيب الحيوانات بالكي فلا توضع وسوم على الحيوانات.
- النهي عن جعل الحيوانات هدف لكي يتم تعلم الرماية عليها.
- عدم حبس الحيوانات لدرجة تصل بها إلى الموت.
- مداواة الحيوانات المريضة والسعي على راحتها لكي تنعم بالشفاء.
هدي الإسلام في ذبح الحيوان
نجد بعض الدول التي تدعي الحضارة تذبح الحيوانات بحجة المتعة، فنرى مصارعة الثيران التي تنتهي بقتل الحيوانات، كما أن هناك مهرجانات سنوية في بعض الدول من أجل قتل الدلافين ليس لأكلها ولكن من أجل المتعة فقط.
على عكس الإسلام الذي علمنا الرفق بالحيوان حتى في ذبحه من أجل الغذاء، ومن هدي الإسلام في الذبح:
- تغذية الحيوان قبل ذبحه وتقديم الماء له حتى يشبع.
- عدم ذبح حيوان أمام حيوان آخر لكي لا نفزع هذا الحيوان.
- استخدام أداة ذبح حادة لكي يتم الذبح بسرعة ولا نعذب الحيوان.
- حتى طريقة الذبح من الرقبة لا تجعل الحيوان يشعر بألم لأنها تقطع مجرى الدم عن المخ المسئول عن الشعور بالألم، وما نراه من حركة الحيوان بعد الذبح ليس ألم بل إن الحيوان في هذه اللحظة لا يشعر بشيء، وحركته هذه من أجل ضخ كمية دم للمخ.
- ذكر اسم الله على الحيوان قبل ذبحه وتمديده على جنبه الأيسر وجعله مواجه للقبلة.