نظرًا إلى مدى حب الأمة الإسلامية لرسول الله ـ صلِّ الله عليه وسلم ـ والشوق الكبير إلى رؤيته ؛ فإن جميع أبناء الأمة صغارًا وكبارًا في شوق دائم إلى التعرف على صفات رسول الله وعلى خصاله والاستزادة من مواقف السيرة النبوية وغيرها التي تنقل مدى عظمة ورحمة رسولنا الكريم ، هل تعلم أن البعض قد ذهب إلى أن رسول الله عليه الصلاة والسلام ليس له ظل وهذا ما قد جاوب عليه العديد من علماء الأمة الإسلامية .

حقيقة هل كان للنبي ظل

وردت العديد من الأسئلة من عدد كبير من المسلمين للتأكد هل كان لرسول الله ـ صلِّ الله عليه وسلم ـ ظل أم لا ، وهنا جاءت اراء الكثيرين من العلماء تجاه هذا القول على النحو التالي :

رأي ابن باز في قضية ظل الرسول

أجاب ابن باز على هذه الأقوال بأن ما يقوله الناس بأن الرسول خُلق من النور لا أصل له من الصحة ، كما أن بعض الأقوال مثل ( أول ما خلق من نور محمد ) جميعها أخبار غير صحيحة وموضوعة ولا أصل أو سند أكيد لها بل جميعها أخبار مكذوبة عن سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه .

وأضاف ابن باز أن رسولنا الكريم كان له ظلًا لأنه قد خُلق بالطريقة التي خُلق بها جميع البشر ، حيث أنه قد خُلق من ماء أبيه ( عبد الله بن عبد المطلب ) وأمه ( امنة بنت وهب ) لأنه بشر ، ولكن الله تعالى قد جعله نورًا بشريًا بما أنزله عليه من وحي ورسالة ونبوة وقد جعله الله تعالى سراجًا منيرًا للبشرية بأكملها يهديها ويرشدها إلى الحق وينقذها من الضلال والظلم .

رأي ابن عثيمين في قضية ظل الرسول

وقد جاء رأي ابن عثيمين أيضًا في هذه القضية من خلال قوله أن الإدعاء بأن رسول ـ صلِّ الله عليه وسلم ـ ليس له ظلًا أمر غير صحيح ؛ حيث أن سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه كان كغيره من سائر البشرية له ظل ، وكان أيضًا يحتاج ما يحتاجه البشر من ضروريات الحياة مثل المأكل والمشرب والملبس والدفء وغير ذلك .

وقد جاء عن المغيرة بن شعبة ، أن رسول الله ـ صلَّ الله عليه وسلم ـ كان يرتدي جبةً شامية أثناء بعض الغزوات الحربية وهي غزوة تبوك ، وأنه كان يقوم بصب الماء على رأسه الشريفة في أيام الصيف وأثناء الصيام خصوصًا عند اشتداد العطش ، وقد كان عليه الصلاة والسلام أيضًا يجوع ويعطش ويشبع وينام ويمرض وكان يتغوط ويبول أيضًا وكان ينطبق عليه سائر الأحكام البشرية مثله مثل بني البشر .

وتأكيدًا على ذلك جاء قول الله تعالى في كتابه العزيز : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } سورة الكهف [ اية : 110 ] ، وبالتالي قول { أنا بشر } دليل قاطع على بشرية رسول الله ـ صل الله عليه وسلم .

وجاء قول الله تعالى أيضًا : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } سورة النحل [ اية : 43 ] ، وهنا أطلق الله تعالى على رُسله لقب الرجال وبالطبع الرجال هم أحد أصناف البشر فقط ؛ وبالتالي فإن الأنبياء والرسل لهم مثل الذي على الرجال وعليهم مثل الذي عليهم .

أما الصفات والخصائص النبوية التي قد اختص الله تعالى بها الأنبياء والرسل ؛ فقد كان لسيدنا محمد خير الأنام صلوات ربي وسلامه عليه النصيب الأوفر منها ؛ حيث أنه كان كريم الخلق عظيم الشأن ذو قوة وعزيمة وشجاعة وأمانة ورحمة وخير وهداية لم تجتمع في بشر من قبله ولا من بعده ؛ وقد كانت صفات رسول الله ـ صلَّ الله عليه وسلم ـ من بين جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام هي أكملها وأتمها .

وبالتالي يجب الحذر سواء عند التحدث عن رسول الله أو كتابة مقدمة عن الرسول من ذكر أي معلومات خاطئة أو مكذوبة ومنقولة خطئًا عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لكي لا يأثم المسلم ويُساهم في انتشار الأكاذيب .