تعد الوصية هي واحدة من الأمور التي يجب أن يذكر المسلمون بها، حيث أنها لها الكثير من المصالح الدنيوية والدينية، وهناك الكثير من الناس تستهين بالوصية، وإن سألتهم عن ماإذا كتبوا وصيتهم أم لا، لوجدتهم ينظرون إليك بكل تعجب.

وتعد الوصية هي سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الأنبياء من قبله، حيث أنه يجب على المسلم الاقتداء بهم، فيوصي أبناءه وأقاربه بتقوى الله من بعده والتمسك بدينه، ويوصيهم مثل ما وصى سيدنا إبراهيم بنيه ويعقوب، فقال الله تعالى: (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

فوائد الوصية

– يحظى الموصي بالأجر الكبير والثواب العظيم، نظرا لأنه أطاع الله ورسوله.
– يكافيء الله الموصي بالأجر العظيم جزاء لما أوصى به من مواعظ ونصائح لأبناءه وأقاربه.
– إبراء ذمة اموصي من الحقوق المالية والمخالفات الشرعية وغيرها.
– إنهاء الخلافات المحتملة، وقطع النزاعات التي من الممكن أن تحدث بين الورثة من بعده.

الوصية بين واجبة ومستحبة ومحرمة

– تعد الوصية واجبة على المسلم إن كانت عليه حقوق مثل الزكاة أو النذر أو الحج وغيرها، أو مثلا أن تكون عليه ديون لأي شخص، أو له دين عند الناس لم يسامحهم عليه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ).

– وتكون الوصية مستحبة في حالة المسلم الذي لديه سعة من المال، ويرغب في أن يوصي ببعض منه، أو الإنفاق في الأعمال الخيرية، أو رغبته في أن يكون له صدقة جارية بعد وفاته، ولكن تشترط تلك الوصية بشرطين.

شروط كتابة الوصية

الأول: أن يكون الجزء الموصى به هو الثلث أو أقل، وذلك استنادا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يرغب في كتابة وصيته (الثُّلُث وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ).

الثاني: أن تكون الوصية لشخص غير وارث، فعن أبي أمامه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ).

– وتكون الوصية محرمة اذا احتوت على ما يخالف شرع الله، كأن يوصي أهله بقطع الرحم، أو النياحة عليه، أو أن يقوموا بإلحاق أذى بأحد من المسلمين، أو أن يضر بأحد ورثته، أو يوصيهم بالانتقام من أحد، ولكن من يقوم بفعل ذلك تكون وصيته غير صحيحة وغير واجبة النفاذ، حيث قال الله تعالى: (فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

الحكمة من كتابة الوصية

– تكمن الحكمة من كتابة الوصية في تذكير المسلمين بأن الموت لا وقت له، ومن الممكن أن يأتي في أي وقت، مما يجعل المسلم دائم الحرص على العمل الصالح للفوز بالجنة، ويكون ذلك العمل عن طريق التوبة من الذنوب، وإعادة الحقوق لأصحابها، وصلاح الأعمال، والاعتذار عن ارتكاب أي خطأ في حق الآخرين، ولذلك السبب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الحرص على تذكير المسلمين باقتراب الموت في كل وقت وحال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ: الموت).

– لذلك تعتبر كتابة الوصية هي أحد الوسائل التي تقوم بالتذكير باقتراب الموت، وبالأخص للأشخاص الذين عليهم ديون، أو من يتشارك مع غيره في أمور مادية.

نموذج للوصية

– “يقول بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على رسوله: هذا ما أوصى به فلان بن فلان وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأنَّ الجنَّة حقٌّ، وأن النار حق، وأن الساعة لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، أوصي أولادي وأهلي وأقاربي وجميع المسلمين بتقوى الله عز وجل، وأوصيهم بما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.

– وأوصي بتسديد ما على من دين -إن كان عليه دين-، وإن أراد أن يقول: وأن يخرج من مالي ثلثه لفلان أو صدقة جارية، وأولادي القصر يكون وليهم فلان، يحفظ لهم حقهم من التركة حتى يبلغوا، ثم يوصي بما أراد من وصايا دينية واجتماعية، وأن يكون غسله وتجهيزه وما يتبع ذلك على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يختم ذلك بالدعاء لنفسه بالمغفرة والرحمة ودخول الجنان”.

– وعليه توثيق وصيته بشهادة رجلين عدلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.