تتميز الأمة الإسلامية بأنها أمة وسطية وعتدلة و بعيداة عن الانحراف والتطرف، فقال تعالى “وكذلك جعلنكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً، والمعروف أن خير الأمور أوسطها، لذلك من خصائص الإسلام هي ميزة الوسطية في الشريعة، وفي النبوة وفي الرسالة، وهذا ما نجده في كافة جوانب الإسلام.
مظاهر الوسطية في الإسلام
– وسطية الإسلام في العقيدة
الوسطية في العقيدة كاملة الوضوح في أسس وأركان الإيمان، فهي تصف هذه الأسس وتظهرها خالية من التعقيد، والغموض، لأن الأدلة على وجود الله واضحة وصريحة.
– وسطية الإسلام في الشريعة
الشريعة الإسلامية تتوسط بين التفريط والإفراط ، وبين العلو والتهاون، وبين الرحمة والعقاب.
– وسطية الإسلام في الأخلاق
والمقصود منها الجانب السلوكي الذي يطبقه المسلم ويظهره من خلال التعامل بين الناس،وأساسه التوسط في الإنفاق بين الإسراف والتشحح، والوسطية بين القضاء والاقتضاء، والغيرة والحقد، والثقه والشك.
– الوسطية في منهج الدعوة
أن منهج الدعوة في الإسلام يقوم على مخاطبة الطرف الآخر والحكمة والموعظة الحسنة، وأن يجادله بالتي هي أحسن، وباللين والرحمة دون ضعف، حتى تستطيع إثبات الحجة على المخالف، وتستطيع إقناعه بالتي هي أحسن دون إكراه في الدين.
– الوسطية في العبادة
العبادة هي أمر جيد يدل على إيمان المسلم وزيادة وتقواه، لكن الإسلام أمر بالرفق بالنفس، وأن لا يقوم المسلم بتحميلها ما لا تطيق من العبادات، بل مطلوب منه أن يعطي كل شيء حقه، فإذا كان ربك له حق في العبادة، فإن لأهله حق في الرعاية، وبدنه وصحته لها حق الراحة والاهتمام ولوظيفته حق الإتقان، فإن لبدنك وأهلك عليك حق، والعمل عبادة.
– الوسطية المرفوضة
والمقصود بها الوسطية بين تناقضين، مثل الوسطية بين الحق والباطل، وهي عدم اتخاذ موقف شرعي عند الإخلال بما ينص عليه الدين، فتجد بعض المسلمين يقفون بين السنة والبدعة، وتستمر معيشتهم على التنازل عن ثوابت الدين، حتى يقوم البعض بمساندتهم وإطلاق مسمي الدعاة الوسطيون، ويستطيعوا الحصول على على المكاسب الدنيوية.
– الوسطية في الإنفاق
تم وضع منهج متوازن واضح وصريح للشريعة الإسلامية في مسألة إنفاق الأموال، فلا تمسك على نفسك وتضييق عليها، ولا تقوم بالإسراف أو التبذير دون ضوابط أو حدود.
– الوسطية في المأكل والمشرب
الوسطية في الطعام فالمسلم لا يأكل إلا إذا شعر بحاجته للأكل، ويكون معتدل في طعامه فلا يصل إلى مرحلة الشبع الكامل، وهذا ما ذكره النبي صل الله عليه وسلم في الحديث الشريف: ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بطن، بحسب ابنِ آدمَ أكلات يقمن صلبهُ، فإن كان لا محالةَ: فثلُث لطعامه، وثُلُثٌ لشرابه وثُلُث لنفَسه”، وهذا هو المقدار الصحيح الذي يحافظ على سلامة جسم الإنسان ويحافظ على صحته.
– الوسطية في المحبة والبغض
الشريعة الإسلامية وضعت منهج وسطي شامل حتى في المشاعر الإنسانية، فعندما يحب المسلم فيجب أن يحب دون إفراط، وأيضاً إذا كره فيجب أن يكره دون ضغينة، لأن النفوس والقلوب لدى الإنسان متقلبة ومتغيرة، فمن الممكن إذا ابتعد عنك من تحبه حباً شديداً، قد يؤثر ذلك في نفسك، وتقوم بإيذائها إيذاء شديد.
– الوسطية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يجب على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولكن مع مراعاة المفاسد التي يترتب عليها النهي، وأن يوازن بينها وبين المصالح العائدة عليه من هذا الفعل، فإذا كان المسلم متوازن ومعتدل في الأمره والنهي، وأن يراعي ظروف البشر ويعي أن طباعهم مختلفة، حتى يحصد ثمار عمله حتى لا تذهب دون جدوى.
– الوسطية في التعامل مع الأعداء والمخالفين
فرض على المسلم شهادة الحق، وأن يحكم ويعدل بين الناس حتى لو كانوا أعداء له، لأن هذه الصفات من علامات وصفات المتقين فقد قال الله تعالى: ” يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط، ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى.
– الوسطية في عقوبة القصاص
حرص الإسلام على فرض الأمن والأمان، والحفاظ على الأنفس والأعراض، فعقوبة كل جريمة تختلف عن الأخرى فنجد أن الزاني واللص ومن يقذف المحصنات العفيفات ومن يشرب الخمر، يعاقب كل منهم بعقوبة مختلفة عن الأخرى، تتناسب مع شدة ما قام بارتكابه، ويتم عقابهم يعاقبون على أساس المساواة والعدل والاعتدال، فقد قال الله تعالى:”ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون” ، فقد حلل الإسلام أخذ الدية مقابل العفو عن العقوبة، بل اعتبرها الأفضل والأقرب إلى رضوان الله تعالى لقوله سبحانه: ” ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا.