تحدث القرآن الكريم عن العديد من المظاهر الكونية ، تلك التي أثبتها العلم الحديث بالأدلة القاطعة ، فكان من بين الأمور التي تحدث عنها القرآن الكريم في عدد كبير من المواضع القمر .
إشارات كونية و دلالات علمية
– كان من بين أهم الإشارات الكونية ، تلك التي ذكرت في سورة الشمس ، تلك الصورة المكية التي استهلت بقسم مطول عن بعض المظاهر الكونية في قوله تعالى وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) ( سورة الشمس ) .
– تلك الآيات التي تحدثت عن تحديد أحد جوانب القدرة الإلهية في إنارة الأرض بالقمر بمجرد غياب الشمس ، تلك الآية الكريمة التي تحدث عنها الكثير من المفسرين ، و قد نسبوا هذا القسم إلى تنبيه البشر بمنافعهم العظيمة ، تلك التي لم يقدر عليها البشر .
القمر في رؤى الصالحين
كان من بين المواضع التي ذكر فيها القمر رؤيتين ، كانت إحدى هذه الرؤى لسيدنا إبراهيم حينما ظن أن القمر هو ربه ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) ( سورة الأنعام ) ، و كانت الرؤيا الثانية هي رؤية سيدنا يوسف عليه السلام ، تلك التي تنبأ من خلالها سيدنا يعقوب بنبوة يوسف ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) ( سورة يوسف ) .
القمر في الإعجاز القرآني
حركة القمر و الحساب
تحدثت العديد من الآيات عن الحساب الدقيق لحركة القمر ، تلك التي وضعها الله جل وعلى ليستمر بها البشر ، فكان من بين هذه الآيات قوله تعالى الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (5) ( سورة الرحمن ) ، هذا فضلا عن الحديث عن أن الليل هو وقت سكون البشر حسب ما قدره الله لنا ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) ( سورة الأنعام ) ، تلك الآية العظيمة التي تحدثت عن أهمية السكون ليلا ، و هذا ما أثبته العلم الحديث ، و كذلك الحركة المتعاقبة للشمس و القمر .
خسوف القمر في القرآن الكريم
حركة خسوف القمر كانت من أهم الأمور التي شغلت بال الأشخاص منذ أقدم العصور ، فقيل أنها تنتج عن تصارع الإلهة ، و قد استخدم كفار مكة هذه الظاهرة الكونية في التشكيك في صدق رسالة نبينا الكريم ، تلك الظاهرة التي تحدث عنها القرآن الكريم في عدة مواضع ، و أثبت العلم دقتها فيما بعد ، فكان من بين الآيات التي تحدثت عن هذه الظاهرة قوله تعالى وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) ( سورة الأنبياء ) ، تلك الآية العظيمة التي تحدثت عن مرور كل منهم في مدار خاص به ، مما يسمح لهم بالتتابع معا على نفس الخط لتكوين هذه الظاهرة الكونية ، و قد ذكر ذلك أيضا في الآيات التي تحدثت عن التعاقب الثابت بين حركة الشمس و القمر ، و ذلك في قوله تعالى لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) ( سورة يس ) .
حديث الرسول عن خسوف القمر
كان من بين المعتقدات قديما أن السماء تحزن لموت الأشخاص فتظهر ظاهرة الكسوف ، و حينما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم تصادف ذلك مع خسوف القمر ، و حينما سمع القوم يقولوا بأن هذا الأمر حزنا من السماء على فقدانه ، رد عليهم قائلا ( إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ وَإِنَّهُمَا لا يَنْكسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ . فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ) ( رواه البخاري و مسلم ) .