توجد الكثير من الآيات الدالة على حكمة الله تعالى وعلمه فيما يخلق أو يشرع فقد قال الله تعالى { وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: 2]، { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [القمر: 49]، وقد بين لنا العلماء أن الحكمة الحقيقية والغاية من خلق الإنس والجن هي عبادة الله فقد قال الله تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56]
التوكل والصلاة والزكاة والصيام وغير ذلك من شرائع الإسلام ».
الفرق بين العبادة الكونية والعبادة الشرعية :
ذكر بعض العلماء مفهوم آخر للعبادة وهو عبادة كونية وعبادة شرعية مما يعني أن الإنسان قد يكون متذللًا لله سبحانه وتعالى تذللًا كونيًا وتذللًا شرعيًا فالعبادة الكونية تأتي بصفة عامة للمؤمن وللكافر وللبر والفاجر، فقد قال الله تعالى : { إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا } [مريم: 93]، أي أن كل ما في السماوات والأرض خاضع لله سبحانه وتعالى كونًا، لا يمكن أبدًا أن يضاد الله، أو يعارضه فيما أراد – سبحانه وتعالى – بالإرادة الكونية.
وأما العبدة الشرعية : فهي التذلل لله تعالى شرعًا، وهي خاصة بالمؤمنين بالله سبحانه وتعالى، القائمين بأمره، ثم إن منها ما هو خاص أخص، وخاص فوق ذلك، فالخاص الأخص مثل : عبادة الرسل عليهم الصلاة والسلام، قال الله تعالى : { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } [الفرقان:1]، { وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا } [البقرة: 23]، وغير ذلك من وصف الرسل بالعبودية.
هل يثاب من اختص بالعبادة الكونية عن العبادة الشرعية ؟
يجيب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن هذه المسألة فيقول : هؤلاء لا يثابون عليه، لأنهم خاضعون لله تعالى شاءوا أم أبوا، فالإنسان يمرض ويفقر ويفقد محبوبه من غير أن يكون مريًا لذلك، بل هو كاره لذلك، لكن هذا خضوع لله عز وجل خضوعًا كونيًا.