من بين آيات الله العظيمة التي تتعلق بالإنسان و خلقه آية الموت ، تلك الآية التي تتمثل في نهاية حياة الإنسان و بعثه عند الله ، و تكريمه أو عقابه .

الموت
يخاف الإنسان من الموت بشكل دائم و مستمر ، هذا فضلا عن أن البعض بل ربما الأغلبية قد حلموا بالخلود على تلك الأرض ، و هذا الأمر لم يكن وليد اليوم بل هو منذ خليقة الإنسان على الأرض ، فمسألة الخلود شغلت تفكير الكثيرين و الدليل على ذلك رغبة سيدنا آدم في الخلود في الجنة ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى ( قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ، فَأَكَلَا مِنْهَا ) و هو دليل قاطع على رغبة الإنسان في الخلود ، و قد توالت تطورات الرغبة في الخلود حتى نهاية القرن العشرين برحلات كبيرة من البحث العلمي و مشاريع طائلة ، كان الهدف منها الحد من أعراض الشيخوخة و تقدم السن و إطالة عمر الإنسان ، و لو لسنوات معدودة و قد بائت جميعها بالفشل حتى تم التصريح فعليا أنه لا علاج للموت .

الموت في البحث العلمي

تم إجراء العديد من التجارب و الأبحاث تلك التي حاولت تصوير الخلايا ببعض البرامج الدقيقة ، التي تشبه الكومبيوتر تلك الأجهزة التي راقبت ترليونات الخلايا الموجودة في جسم الإنسان ، و لوحظ تطور هذه الخلايا وصولا لموتها تلك الخلايا ، التي يمكنها الحياة لمدة تصل إلى مائة ترليون ساعة ، فمن الذي يعمل على تشغيل هذه الخلايا بهذا النظام دون أي خلل أو تعطل حتى نصل إلى موعد الوفاة و تتوقف تلقائيا و قد وجد العلماء الرد في آية من سورة الأنعام تقول ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ * ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ) .

دراسة علم الخلايا

– حاول العديد من العلماء دراسة علوم الخلايا و من خلالها وصلوا إلى شريط DNA الوراثي ، و الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بموت هذه الخلايا ، و من خلاله حاولوا التحكم في عمر الكائن الحي و إطالة مدته ، فكانت النتيجة تسرطن الخلايا التي خضعت للتجربة ، و توقف الحياة أيضا و أخيرا توصل العلماء إلى أن الموت نهاية للكائن الحي لا يمكن الهروب منها .

– أما عن فكرة الموت نفسها فقد حاول العلماء التوصل للسبب في توقف الخلايا فجأة و بدون أسباب ، باحثين حول فكرة الموت تلك التي امتدت حوالي أربعة عشر قرنا من الزمان ، في حين أن الله جل و على قد قال في كتابه العزيز في سورة الملك ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) و التفسير هنا هو أن الموت أمر يخلق بيد الله ، و لا لأحد التحكم به .

– و على صعيد آخر تم دراسة الخلايا ليثبت أن كل خلية تضم بداخلها ما يعرف بصمامات الأمان ، تلك التي تتحكم في حياة الخلية و انقساماتها ، و كلما قصر طول هذه الصمامات كلما قاربت من الموت ، و هذا ماتحدث عنه القرآن الكريم فعليا حين قال (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) و هذا تفسيره أن موت الإنسان له وقت محدد يقدره الله ، أي أن الخلايا مبرمجة على الموت منذ ميلادها .

– هذا فضلا عن دراسة الأفعال التنكسية في الخلايا ، و هي أفعال تحدث بشكل تلقائي في الجسم ، حيث تنمو الخلايا و تبدأ في ممارسة نشاطها وصولا لسن معين ، بعدها تبدأ في الانهيار وصولا إلى التوقف ، و توقف هذه العملية يعني الموت ، و على الرغم من الأبحاث العلمية حول هذا الأمر فحتى تحديد هذا الموعد بدقة ، لا يمكن لأحد فعله و ذلك اعتمادا على قوله تعالى ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ) .