أسد الجبال حيوان من فصيلة السنوريات، أصله من الأمريكتين، ومناطق انتشاره هي الأكبر مساحةً بين الحيوانات البرية الكبيرة كلها في نصف الأرض الغربي، إذ تمتد مناطق انتشاره من إقليم يوكون الكندي شمالاً، وحتى جبال الأنديز جنوباً. وأسد الجبال حيوان قادر على التكيف، ولذا فإنه يوجد في كل أنواع المواطن الرئيسة الأمريكية، وهو ثاني أكبر السنوريات وزناً في نصف الأرض الغربي بعد اليغور. ومع أن أسد الجبال كبير الحجم، إلا أنه يُصنف مع السنوريات الصغيرة بدل الكبيرة، فهو قريب من القطط الأهلية جينيّاً أكثر من قرابته من الأسود الحقيقية، كما أنه حيوان ليلي كالسنوريات الصغيرة.
اسد الجبال الاسد الامريكي
أسد الجبال حيوان مفترس قادر على مطاردة فرائسه والكمن لها، وهو يفترس أنواعاً كثيرةً من الحيوانات، ومصدر غذائه الرئيسي هو الحافريات كالأيل والإلكة والموظ وكبش الجبال الصخرية، كما يصطاد أيضاً القطعان الأهلية والخيول والخراف (في الجزء الشمالي من مناطق انتشاره تحديداً)، كما يمكن أن يصطاد حيواناتٍ أصغرَ مثل الحشرات والقوارض. يفضل هذا الأسد المواطن ذات الشجيرات الكثيفة والصخور لتساعده على الكمن والاختباء عند الافتراس، ولكن يمكن أن يعيش في المناطق المفتوحة. يعيش أسد الجبال في مجموعات صغيرة العدد، حجم المجموعة الواحدة يعتمد على المنطقة التي توجد فيها والغطاء النباتي ووفرة الفرائس. ومع أن أسد الجبال حيوان مفترس كبير الحجم، إلا أنه ليس المسيطر في منطقته دائماً، ويظهر ذلك عندما يتنافس على فريسة ما مع اليغور أو الذئب الرمادي أو الدب الأسود الأمريكي أو الدب الرمادي. يوصف أسد الجبال بأنه حيوان منعزل، وهو عادةً يتجنب البشر، فهو نادراً ما يهاجم البشر، ولكن مهاجمته لهم قد ازدادت مؤخراً.
انقراض اسد الجبال الاسد الامريكي
بسبب الصيد المفرط لأسود الجبال بعد الاستعمار الأوروبي للأمريكتين وبسبب استغلال البشر لمواطنها، فقد قل وجودها في معظم المناطق التي كانت تنتشر فيها تاريخياً، إذ تعرَّض أسد الجبال للانقراض المحلي في شمال شرق أمريكا في أوائل القرن العشرين، ولم يَبقَ له وجود هناك إلا في ولاية فلوريدا، وفي العقود القليلة الماضية هاجرت أعداد من أسود الجبال التي كانت تعيش في الجزء الشرقي من أمريكا إلى الأجزاء الغربية القصوى من داكوتا الشمالية وداكوتا الجنوبية ونبراسكا وأوكلاهوما، كما شوهدت أفراد من ذكور أسد الجبال عابرةً عبر مينيسوتا (حيث أطلق النار على أحدها وقتل) وويسكنسن وآيوا وشبه الجزيرة الشمالية من ميشيغان وإلينوي حيث أطلق النار على أحدها عند حدود ولاية شيكاغو، وقد شوهدت أسود الجبال مرةً واحدةً على الأقل في الشرق الأقصى من ولاية كونيتيكت.
خصائص اسد الجبال الاسد الامريكي الجسدية
إذ تصل المسافة بين كتفي الفرد البالغ منه ما بين 60 و90 سنتمتراً، وطول الذكر البالغ (من أنفه إلى ذيله) يصل إلى 2.4 متر، ومتوسط طول الإناث 2.05 متر، فيكون إذاً طول أسد الجبال بشكل عام ما بين 1.5 إلى 2.75 متر (من الأنف إلى الذيل). أما طول الذيل وحده فيتراوح ما بين 63 و95 سنتمتراً، ووزن الذكر البالغ منه ما بين 53 و100 كيلوغرام وبمتوسط 62 كيلوغراماً، أما الإناث فيتراوح وزنها ما بين 29 و64 كيلوغراماً وبمتوسط 42 كيلوغراماً، ويكون حجم أسد الجبال أصغر كلما اتجهنا باتجاه دائرة الاستواء، وأكبر كلما اتجهنا باتجاه القطبين. إنّ أكبر أسد جبال عُرف قد وُجد في ولاية أريزونا وكان وزنه 125.5 كيلوغرام، وذلك بعد إزالة أمعائه، مما يدل على أنه عندما كان حياً كان وزنه حوالي 136.2 كيلوغرام، وهناك العديد من الذكور توجد في إقليم كولومبيا البريطانية الكندي تزن ما بين 86.4 و95.5 كيلوغرام.
رأس أسد الجبال دائري وأذناه مستقيمتان، وله جسم وعنق وفك قويات يستخدمها لإمساك الفرائس الكبيرة وتثبيتها، كما يملك خمسة مخالب في طرفيه الأماميين يستطيع إدخالها إلى كفه وإخفاءها (واحدة من هذه المخالب تسمى زمعة) وأربعة مخالب في طرفيه الخلفيين، وأطرافه الأمامية أقوى من الخلفية، ومخالبها مهيئة للقبض على الفريسة بإحكام.
الوان اسد الجبال الاسد الامريكي
لأسد الجبال لون واحد منتظم، ولكن يمكن أن يختلف اللون من فرد لآخر بشكل كبير، وقد يختلف اللون حتى بين الأقرباء. الشَّعر النموذجي لأسد الجبال لونه ذهبي مائل إلى البني، ولكنه يمكن أن يكون رمادياً فضيّاً أو محمرّاً، ويكون الجزء السفلي من جسمه أفتح لوناً، ويشمل اللون الفاتح فكّيه وذقنه وحلْقه أيضاً، أما الصغار الرضّع فيكونون منقطين، ويولدون بعيون زرقاء اللون وأذيال عليها حلقات، وبعد أن يكبروا قليلاً يصبح لونهم باهتاً، وتبقى البقع الغامقة على جانبي أجسامهم، ولم يُرَ أسد جبال أسود اللون بالكامل قط، مع أنه قد ورد في بعض الحكايات التقليدية، أما مصطلح "النمر الأسود" فهو اسم يُطلق على النمر واليغور إذا كانا أسودين بالكامل وليس على أسود الجبال.
تغذية اسد الجبال الاسد الامريكي
أسد الجبال صياد ماهر يستطيع أكل أي حيوان يصطاده من الحشرات الصغيرة وحتى الحافريات الكبيرة (أكثر من 500 كيلوغرام)، وهو من آكلات اللحوم، أي أنه يحتاج إلى تناول اللحوم ليعيش ولا يأكل شيئاً غيرها، والفريسة الأكثر أهمية عند أسود الجبال هي الأيل بمختلف أنواعه، لا سيما في أمريكا الشمالية، كما يصيد أيضاً حيوانَ الإلكة والموظ وغيرها من الحافريات، وهناك أنواع أخرى تشكل الغذاء الأساسي لأسد الجبال في مناطق معينة، مثل كبش الجبال الصخرية والخيول البرية في أريزونا والخيول الأهلية والمواشي الأهلية كالخراف والبقر، وقد أُجريت دراسة على أسد الجبال في أمريكا الشمالية فوجدت أن الحافريات تشكل 68% من الفرائس التي يصطادها، وأكثر ما يصطاد من الحافريات الأيائل، ولم يُظهر أي منها استثناءً إلا أسد جبال فلوريدا، الذي يفضل الخنازير البرية وحيوان المدرع.
سلالات اسد الجبال الاسد الامريكي
حتى أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، كان يُعتقد بوجود 32 سلالةً لأسد الجبال، ولكنّ أحد الدراسات الحديثة على حمضه النووي أظهرت أن كثيراً من هذه السلالات قريبةٌ جداً من بعضها البعض، فدمجتها في سبع سلالات فقط، خمسة منها لا توجد إلا في أمريكا اللاتينية.
وهذه السلالات هي:
- أسد جبال الأرجنتين (Puma concolor cabrerae)
- أسد جبال كوستاريكا (Puma concolor costaricensis)
- أسد جبال شرقيّ جنوب أمريكا (Puma concolor anthonyi)
- أسد جبال شمال أمريكا (Puma concolor couguar)
- أسد جبال شمالي جنوب أمريكا (Puma concolor concolor)
- أسد جبال جنوبي جنوب أمريكا (Puma concolor puma)
- أسد جبال فلوريدا (Puma concolor coryi)
عمر اسد الجبال الاسد الامريكي
يُقدَّر عمر أسود الجبال في البرية بما بين 8 و13 عاماً، ومتوسط أعمارها 8 إلى 10 أعوام، وقد يزيد عمر بعضها عن المتوسط، فقد اصطيدت أنثى مرة عمرها 18 عاماً على الأقل، اصطيدت في جزيرة فانكوفر الكندية، أما في الأسر فقد تعيش أسود الجبال مدة تصل إلى عشرين عاماً، إذ إن هناك أسد جبال ذَكر اسمه سكراتش (Scratch) كان في شهره الثاني من عامه الثلاثين عندما توفي عام 2007. أما أسباب الوفاة في البرية فتشمل العجز والمرض والتنافس مع أسود جبال أخرى، والجوع والحوادث وصيد البشر في المناطق التي يُسمح فيها بذلك. وهناك فيروس اسمه فيروس ضعف مناعة القطط (Feline immunodeficiency virus) يسبب مرضاً مزمناً عند أسود الجبال يشبه مرض الإيدز.
التكاثر ودورة حياة الاسد الامريكي
تصبح الإناث ناضجةً جنسياً في عمر عام ونصف إلى ثلاثة أعوام، وتلد أسود الجبال في الغالب مرةً واحدةً كلَّ سنتين أو ثلاث سنين خلال فترة قدرتها الجنسية، ويمكن أن تقل المدة عن ذلك وتصل إلى سنة واحدة. وتكون الإناث في حالة نشاط جنسي لمدة ثمانية أيام من كل دورة تبلغ مدتها 23 يوماً، أما مرحلة الحمل فتبلغ مدتها 91 يوماً تقريباً. ويعتبر نمط الزواج عند الإناث زواجاً أحادياً (أي يكون للأنثى زوج واحد فقط في الوقت الواحد)، ولكن هذا غير مؤكد وقد يكون الزواج المتعدد (أي أن يكون للأنثى زوجان أو أكثر في الوقت الواحد) هو النمط السائد عندها. يكون الاتصال الجنسي عند أسود الجبال قصيراً ولكن متكرراً، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الاتصال الجنسي يكون أقلَّ تكراراً عند الأفراد المأسورة أو الموجودة في الحقول.
تقوم الإناث وحدها بتربية الصغار، وتقوم بحماية أشبالها بشكل عنيف جداً، وقد شوهدت تقاتل بنجاح حيوانات كبيرة تصل إلى حجم الدب الرمادي دفاعاً عن أشبالها. وتضع الإناث في الولادة الواحدة ما بين شبل واحد وستة أشبال، وغالباً اثنان أو ثلاثة، وتستخدم أسود الجبال الكهوف عريناً ليقيها أثناء قيامها بالولادة. وتكون أشبال أسود الجبال بعد الولادة عمياء تماماً وتعتمد اعتماداً كاملاً على أمها، ثم تُفطَم (تصبح قادرةً على الاعتماد على نفسها) بعد حوالي ثلاثة أشهر من ولادتها، وبينما يكبرون يبدأون بالخروج للصيد مع أمهم، ففي البداية تصحبهم أمهم معها لرؤيتها وهي تصطاد، وبعد ستة أشهر يبدأون بالصيد بأنفسهم فرائس صغيرة،
وأما متوسط نجاة الأشبال فهو شبل واحد من كل عملية ولادة. وعندما تولد الأشبال يكون عليها بقع أو نقاط، ولكنها تفقدها بينما تكبر، وعندما تصل إلى عمر عامين ونصف تكون البقع قد اختفت بالكامل.عندما تصبح الأشبال ناضجة بالكامل ترحل عن أمها لتؤسس منطقتها الخاصة، وذلك عندما يكون عمرها عامين، وأحياناً قبل ذلك، والذكور ترحل قبل الإناث عادةً. وقد وَجدت إحدى الدراسات أن معدل الوفيات يكون أكبر في الأفراد التي تهاجر بعيداً جداً عن مكان ولادتها، وربما يكون ذلك بسبب تعارضها مع مناطق أسود جبال أخرى، ودراسة أخرى في نيومكسيكو وجدت أن الذكور ترحل مسافات أبعد من الإناث، ويمكنها أن تهاجر مسافاتٍ شاسعةً عبر مناطق ليست لأسود الجبال، ويُعتبر هذا مفيداً لأنه يساهم في نشر جيناتها إلى مناطق بعيدة ومتنوعة.