إن النظام الإقتصادي يرتكز على ملكية الأفراد للثروة و أدوات أي أن الثروة الحقيقية ليست فقط في النقود بل أيضاً في السلع المطروحة فالنقود هي قيمة (ثمن) لتداول سلعة ما فكل سلعة يقابلها قيمة نقدية معينة و كذلك كل قيمة نقدية تقابل سلعة فهما متوازيان تماماً إذاً فإن قيمة أي سلعة يجب أن تحدد من خلال عملية البيع و الشراء و قيمة العملة تحدد من خلال توافر هذه السلعة و كمية التداول النقدي للعملة .
العملة في النظام الاقتصاد الرأسمالي : منذ القديم و فكرة تركز الثروة في كمية الثروة النقدية والمعادن الثمينة هي المسيطرة على المجتمعات فهي الشكل الأمثل للثروة و عملية لزيادة المخزون النقدي للبلاد حيث كانت كل النظريات و القوانين الاقتصادية المتبعة تهدف إلى زيادة المخزون النقدي من النقود المعدنية و المعادن الثمينة فقامت الحكومات بتوجيه أنظارها نحو هدف واحد وهو كيفية زيادة هذا المخزون ، فقامت بالتركيز على زيادة الإنتاج وذلك من أجل الحد من الاستيراد وزيادة نسبة الصادرات وهنا كان الخطأ فقد تم تنصيب المال سيداً على الثروة و اعتباره المصدر الوحيد لها فلم يطل أمد هذا المبدأ و أصابه الخلل بسبب كثرة الأخطاء التي فتتت قواعده حتى اختفى بشكل تام و ظهر أن هذه النقود و المعادن الثمينة ليست إلا وسائط للتبادل تفقد قيمتها دونه إلا أن هذا النظام بقي قائماً من الناحية الفردية فمن البديهي أن النقود و المعادن الثمينة بالنسبة للفرد تشكل الثروة و القوة التي يستطيع من خلالها شراء السلع و تغيير نمط حياته باتجاه الأفضل حيث كان الخطأ الكبير الذي وقع فيه المفكرين الإقصاديين التقليديين هو عدم التمييز بين الفرد و المجتمع فقوة المجتمع أو الدولة الإقتصادية تكمن في ثرواتها الطبيعية ، الصناعية و الحيوانية و غيرها من السلع التي سيتم تداولها مقابل النقود فالنقود ليست ثروة بحد ذاتها فقيمتها ترتبط بالسوق و السلع المطروحة فكلما زاد إنتاج سلعة معينة زادت عملية شرائها و هذا يؤدي إلى انخفاض سعرها و بالتالي تقل القيمة النقدية و العكس صحيح فإذا فقدت سلعة ما فإن سعرها سوف يرتفع لتستهلك كم أكبر من النقود وتستنزف الثروة النقدية وتقل نسبة المشترين لذلك كان لابد من التنسيق بين الثروة النقدية للأفراد مع القوة الإقتصادية للمجتمع ، و بصورة أوضح لا يجوز أن تكون عملية الشراء أقوى من قدرة الإنتاج لأن عملية الشراء سوف تضعف و تقل قيمة النقود مع ضعف تواجد السلعة التي سيرتفع سعرها كلما قل توفرها و هذا يضعف من منفعة النقود ، إذاً لابد من توافق بين ثروة الأفراد و الخدمات و السلع و العروض التي يقدمها المجتمع وذلك من أجل اقتصاد سليم و حركة دائرية رابحة للأموال و الثروة حيث تكون كمية الإنتاج مناسبة للثروة و مواكبة لقوة حركة الشراء .
العملة في النظام الإشتراكي : : إن الفكرة الأساسية التي يقوم عليها النظام الإشتراكي هي ملكية الجماعة لوسائل الإنتاج وأن الهدف الأساسي للإنتاج يقوم على إشباع حاجات الجماعة وأن الإقتصاد قائم على أساس الشراكة و يختلف النظام الإشتراكي عن النظام الرأسمالي فلا تأثير للنقود على سير الإنتاج و لا على أسعار السلع حيث أنه لا يوجد تأثير للعملات على الأسعار بل يحده دافع الربح المادي و تأمين حاجات المجتمع الذي يكون ضمن مخطط واضح محدد من قبل الدولة .
نستخلص مما سبق ما يلي :
- تستخدم العملة كأداة للتداول بين الأفراد ولكن طبيعة هذه الوظيفة تختلف عنها في الاقتصاد الرأسمالي ، فالاقتصاد الاشتراكي تسوده فكرة المنفعة أو قيمة الاستعمال في حين تسود فكرة قيمة المبادلة الاقتصاد الرأسمالي وبذلك يكون استخدام النقود لا كواسطة لمبادلة سلع من مالك لآخر، وإنما كوسيلة لتوزيع المنتجات التي أعدت للتوزيع لا للبيع في سوق بثمن يتحدد بقيمة المبادلة وبالعلاقة بين العرض والطلب.
- إن العملة في النظام الاقتصاد الاشتراكي هي وسيلة يختلف الهدف منها عن النظام الرأس مالي فهي لا تستخدم لتحقيق ربح مادي بل هي أداة لإشباع حاجات المجتمع و هي وسيلة لزيادة الإنتاج بأقل مجهود
- من الممكن أن تكون العملة في النظام الاشتراكي أداة اكتناز لكن ليس الهدف من هذا الادخار هو شراء الأفراد وسائل الانتاج أي ليس بهدف الاستثمار فكل زيادة في العملة تعود للدولة و تقوم الدولة بدورها بإعادة توزيعها حسب خطة الإنتاج فهي تقوم بتوظيف الأفراد وتأمين مستلزمات حياتهم بناءً على هذا يجب أن يكون هناك توافق و انسجام بين القوة النقدية للأفراد مع القدرة الإنتاجية للمجتمع فلا قيمة للنقود و المعادن الثمينة من دون سلع متوفرة بشكل دائم و أسواق وعجلة إنتاج تدور بقوة كي تلبي حاجة الأسواق من المنتجات